إلى الأشقاء في التحالف العربي

2025-01-16 06:38

 

هوامش على هامش الأومة اليمنية (4)

إلى الأشقاء في التحالف العربي

هذه الرسالة أتوجه بها اليوم إلى الأشقاء قادة دول التحالف العربي لدعم الشرعية اليمنية، وحينما يدور الحديث عن هذا المسمى (دول التحالف العربي)، يفهم الجميع أن المقصود هو الشقيقتان السعودية والإمارات.

أيها الأشقاء الأعزاء!

من غير شك أن الشعبين اليمنيين في جنوب اليمن وشماله ما يزالان يكنان لكم كل التقدير والامتنان لمساعدتكم لهم في التصدي للمشروع الحوثـ-إيراني في اليمن، هذا الدعم الذي بفضله وبفضل نضالات شعب الجنوب تمت هزيمة التحالف الحوثـ-عفاشي (حينها) وطرده من أراضي الجنوب في أقل من مائة يوم، وكان بإمكان الجنوبيين يومها إصدار البيان رقم (1) عن استعادة الدولة الجنوبية التي دخلت بالخطأ في وحدة اندماجية فاشلة مع شقيقتها الجمهورية العربية اليمنية (سابقاً)، لكن عوامل عديدة حالت دون هذا الإعلان منها تقدير واحترام التحالف المركب، مع دولتيكم الشقيقتين العزيزتين ومع الشرعية (المنزوعة السلطة) واحترام المكانة الرمزية للرئيس الشرعي المنتّخَب (حينها) الفريق عبد ربه منصور هادي.

وغني عن البيان والتحليل كيف سارت الأمور في الجبهات الشمالية المواجهة للحوثيين حيث وبعد عشر سنوات على انطلاق عاصفة الحزم لم يتم تحرير مديرية واحدة أو حتى بعض الأمتار من أية منطقة شمالية غير تلك التي حررها أبناء وقادة القبائل في كل من مأرب والبيضاء والجوف وتعز، أو تلك التي حررتها المقاومة الجنوبية والتهامية وأبناء تعز في مناطق الساحل الغربي، لكن الكل يعلم أنه قد جرى تسليم واستلام بين الحوثيين وأشقائهم الشرعيين لبعض تلك المديريات والمحافظات بما فيها من معسكرات وألوية ومواقع عسكرية بأسلحتها ومخازنها أغذيتها لصالح الحوثيين دونما مواجهة سوى مقاومة بعض القبائل التي لم يكن بمقدورها القيام بما لم يقم به جيش الدولة، ذلك لأن الأشقاء الشرعيين كانوا منشغلين بالحرب ضد الجنوب والجنوبيين بحجة تحرير عدن وأهلها من أهلها، وبقية تفاصيل القصة تعلمونها جميعاً.

لست بحاجة إلى تذكيركم بأن الشهداء الجنوبيين وهم بالآلاف حينما نذروا أرواحهم ودمائهم في مواجهة التحالف الحوثـ-عفاشي، لم يفعلوا ذلك لأنهم لا يحبون الحياة، كما لم يكن ليهمهم عودة الشرعية اليمنية إلى صنعاء من عدمها، سواءٌ تحت قيادة الرئيس المنتخب عبدربه منصور هادي، أو في صورة رشاد العليمي الرئيس غير المنتخب، لكنهم فعلوا ذلك على طريق استعادة حريتهم وكرامتهم من خلال استعادة الدولة الجنوبية بحدودها المعروفة تاريخياً وقانونياً حتى ليلة ٢١ مايو ١٩٩٠م.

 

وبعيداً عن الغوص في التفاصيل، أود أن تعلموا وربما تعلمون بما يقوله الإعلام اليمني من صنعاء واسطنبول، الذي يحاول أن يسوق نظريتين متكاملين ربما أنتم على علم بهما:

النظرية الأولى: وتقول إن دولتي التحالف تريدان يمناً ضعيفاً يظل متسولاً على أبواب حكام الدولتين، ولهم تسويقاتهم وتعليلاتهم وتفاصيلهم لهذه النظرية.

والنظرية الثانية: تقول أن الدولتين تطمعان في تقاسم المصالح والنفوذ في الجنوب، بعد الخيبات التي حصدتاها مع الشركاء والأعداء الشماليين.

 

إنني لست في مقام الترويج لهذه التفصيلات والإشاعات والتكهنات، ولا في مقام تصديقها أو دحضها، لكن دحضها  (أو تأكيدها) يستدعي برهاناً ملموساً من دولتيكم الشقيقتين.

فأصحاب هذه الترويجات يستدلون على ما يقولون بأن الدولتين الشقيقتين اللتين انفقتا مئات المليارات من العملة الصعبة، في مجهودٍ عسكري لم ينتج سوى الهزائم المتتالية لقوات الشرعية اليمنية، لم تفكرا في تعويض التضحيات الجنوبية والانتصارات المشتركة مع أبناء الجنوب، من خلال رصد نسبة مئوية من هذا المبلغ الضخم لبناء محطة كهرباء للعاصمة عدن ولو بطاقة ألفي أو ثلاثة آلاف ميجاوات، للتخفيف من معانات المواطنين مع برد وأمراض الشتاء القاتلة وحرارة الصيف الخانقة وإنقاذ ضحايا الأمراض المزمنة من الأطفال والحوامل والمرضعات والرُضَّع والمواطنين عموماً.

 

ويستغل هؤلاء المروجين لنظرية الأطماع بعض التصريحات المعلنة لبعض الإعلاميين المقربين من بعض المسؤولين في دولتيكم الشقيقتين التي تلمز من قريب أو من بعيد إلى تبعية بعض الأراضي الجنوبية لدولتهم.

 

إن محاولاتكم النبيلة في حل الأزمة اليمنية بنفس الطريقة التقليدية، القائمة على مراضاة المتنازعين على حساب الأرض والثروة والمصالح والمستقبل والموارد الجنوبية ستكون عرضةً للخيبة كما خابت كل المحاولات الترقيعية السابقة بدءاً بالمبادرة الخليجية مروراً بمؤتمرات الرياض ١، ٢، ثم اتفاق الرياض ومشاورات الرياض ومخرجاتها والتي لم تسفر جميعاً إلا عن توسع الهوة واتساع المسافة بين جذر المشكلة وحلها.

 

إن جذر المشكلة يكمن في وجود شعبين حاولت قيادتاهما الاتحاد ارتجالياً وعشوائياً بلا دراسة ولا بحث في فرص النجاح، ولا تشخيص لعوامل الفشل واتخاذ الإجراءات الوقائية للحيلولة دون حصوله، وكان من الطبيعي فشل المحاولة، وقد جرى ما جرى لهذه المحاولة مما تعلمونه جميعاً، وهذين الشعبين لهما تطلعات وطموحات وتوجهات سياسية واجتماعية مختلفة، وتراث ثقافي وسياسية وبنية مجتمعية مختلفة والحل يمكن في فهم تطلعات الشعبين ومعالجة الاستحقاقات المتصلة بتلك التطلعات.

وللحديث بقية