في ظل المعاناة والوعي الشعبي المتزايد، شهدت العاصمة عدن مظاهرة عارمة، فيما تستعد محافظة حضرموت غداً الخميس لاحتجاجات مماثلة، استجابة لدعوة الاتحاد العام لنقابات عمال الجنوب. هذه الدعوات هي صرخة غضب تعبر عن ألم شعبي متراكم ورغبة حقيقية في التغيير وتحقيق العدالة الاجتماعية، في ظل فشل حكومي عميق منذ عقد كامل.
المظاهرات في العاصمة عدن توافد آلاف المواطنين إلى الساحات والشوارع، حاملين لافتات تعبر عن معاناتهم اليومية وآمالهم في غد أفضل. المطالب واضحة وصريحة: تحسين الأوضاع المعيشية، توفير الخدمات الأساسية التي تراجعت إلى مستويات غير مسبوقة بشكل ممنهج، ومحاسبة الفاسدين الذين أصبحوا جزءاً من منظومة تستنزف حقوق المواطنين بدلاً من خدمتهم.
الجنوب، الذي كان دولة مستقلة ورمزاً للحضارة والقوة، يعيش اليوم واقعاً مؤلماً يعكس تدهور الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه وصحة وتعليم. كل ذلك وسط تجاهل واضح من قبل مجلس القيادة الرئاسي، الذي يعجز تقديم الحلول بل يبدو أن الأمر لا يعنيه.
وفي حضرموت، حيث دعا شباب الغضب في الوادي والصحراء إلى وقفة احتجاجية حاشدة يوم الخميس المقبل. معبراً عن حالة من الغضب الشعبي المتصاعد. وضرورة التعبير عن المطالب العادلة والمشروعة لتحسين الوضع المعيشي والخدمات الأساسية ووقف عبث وإهمال الحكومة الممنهج والتي عبثت بمقدرات الشعب وتفننت في حصاره.
هذا الحراك الشعبي هو نتيجة سنوات من التهميش والإهمال.
شعب الجنوب تحمل الكثير من المعاناة جراء السياسات التي استهدفت تفكيك البنية التحتية وتدمير المؤسسات الحيوية في الداخل والخارج. ومع غياب الرقابة والمساءلة، أصبح الفساد جزءاً من المشهد اليومي، مما جعل حياة المواطن الجنوبي معاناه يومية.
المظاهرات في العاصمة عدن والتحضيرات في حضرموت تعكس نقلة نوعية في الوعي الشعبي الجنوبي . فالناس لم يعودوا يكتفون بالشكوى أو انتظار الحلول من حكومة أثبتت فشلها. بل قرروا النزول إلى الشوارع لإيصال أصواتهم ومطالبهم إلى حكومة الفساد والفاعلين الدوليين. هذا الحراك الشعبي يؤكد أن شعب الجنوب لن يقبل بأن يكون ضحية لحسابات خارجية ومصالح حزبية يمنية بعد الآن.
ومع ذلك، هناك تساؤلات كبيرة تطرح نفسها: هل ستستجيب الحكومة لمطالب الشعب؟ أم أنها ستواصل سياسة التجاهل والمماطلة؟ التاريخ لا يبشر بخير، حيث اعتادت الحكومات المتعاقبة على التهرب من مسؤولياتها، مكتفية بالوعود الزائفة التي لم تغير شيئاً على أرض الواقع.
لكن هذه المرة يبدو الوضع مختلفاً. حجم الغضب الشعبي وطبيعة المطالب التي تركز على القضايا الأساسية تجعل من الصعب تجاهلها. كما أن الاحتجاجات المتزامنة في العاصمة عدن وحضرموت تعكس وحدة في الموقف وتضامناً شعبياً بين مختلف شرائح المجتمع الجنوبي، مما يعزز من قوتها ويزيد من تأثيرها.
هذه المظاهرات هي تعبير صارخ عن معاناة يومية تتفاقم يوماً بعد يوم، وصرخة ضد منظومة الفساد وسوء الإدارة التي أرهقت المواطن الجنوبي. هي دعوة لإعادة الحقوق إلى أصحابها وإطلاق حلول جذرية حقيقية تعيد بناء الجنوب على أسس من النزاهة والشفافية والوطنية.
شعب الجنوب مطالبه واضحة. إما أن تستجيب الحكومة لمطالب الشعب وتعمل على إصلاح ما أفسدته السياسات السابقة، أو أن تستمر في تجاهلها، مما سيؤدي إلى مزيد من التصعيد وربما نتائج لا تحمد عقباها. الأيام القادمة ستكون حاسمة، وستحدد ما إذا كانت هذه الاحتجاجات ستشكل نقطة تحول حقيقية في مسار الجنوب، أو سيجبر الشعب لإتخاذ إجراءات على الارض لإنتزاع حقوقه الأساسية.
*- مراقب جنوبي