الأخطاء في الحسابات السياسية تؤدي إلى الكوارث التي تظل تلاحق الكل حتى وإن بدأ أن طرف يكسب منها..
لقد كان التدخل العسكري للجيش المصري في دعم انقلاب اليمن عام1962خطأ كبير وقعت فيه أجهزة نظام جمال عبد الناصر التي كانت مترهلة وتغلب شهواتها ومزاجها القاصر عن إدراك المخاطر المستقبلية المترتبة على ذلك التدخل العسكري الذي أثار فزع دول المنطقة ذات الأنظمة التقليدية العربية وآثار مخاوف اسرائيل حول استراتيجيتها في حوض البحر الاحمر .. كما أن اخطاء تلك الأجهزة دفع بالجنوب العربي واستقلاله إلى الفوضى المدعومة من تلك الأجهزة التي لم تكن مخلصة للنظام بقدر ماتبحث عن ملذاتها وكسب الأموال من الحرب ولجأت تلك الأجهزة إلى دعم اليمن في تغيير اسم الجنوب العربي إلى (جنوب اليمن) من خلال التلميع الإعلامي وشراء الذمم ودخلت تلك الأجهزة في صراع مرير مع الأجهزة البريطانية ظل محتدما هدفه (يمننة) الجنوب العربي والانطلاق منه إلى زعزعة أمن واستقرار السعودية وقلب نظامها الملكي الرشيد والسيطرة على الجزيرة العربية والخليج العربي وشرق السويس كاملا .. الأمر الذي استغلته اسرائيل وشنت حربها الغادرة يوم الخامس من يونيو حزيران1967 ومانتج عن تلك الحرب من هزيمة أصابت العرب في مقتل مازالوا يعانون من تبعاتها حتى اللحظة ليكتشف الرئيس جمال عبد الناصر بعدها ان تلك الأجهزة خدعته في تقاريرها وأنها لم تكن على كفاءة في عملها الذي انصرفت عنه للانشغال بالعمل ضد أهداف من الناحية الاستراتيجية تشكل العمق الأمني الحيوي لمصر و فعلا تم معاقبتها لكن بعد خراب مالطا..
لاشك أن ذلك التاريخ من منتصف ستينات القرن الماضي يتجدد اليوم في المعترك الراهن الذي يعيشه الجنوب العربي وتعيشه اليمن وتعيشه دول التحالف العربي بل المنطقة برمتها الأمر الذي يستوجب معالجة أخطاء تلك الفترة من منتصف ستينات القرن الماضي التي اليوم تعاني منها مصر جراء تعطيل الملاحة في البحر الاحمر من قبل اليمن وتأثير ذلك على قناة السويس وانخفاظ عائداتها المهمة للاقتصاد المصري ..ومن هنا يجب العمل على تحقيق التوازن الجيوسياسي في الجهوية اليمانية المحقق لأمن واستقرار دول وشعوب المنطقة وحماية الملاحة الدولية والثغور الجنوبية لسواحل جنوب شبه الجزيرة العربية لمافي ذلك من مصالح مشتركة للجميع .. وتحقيق الأمن والاستقرار والسلم في هذه المنطقة المضطربة.
الباحث/علي محمد السليماني