لن نمل التأكيد والتكرار ومن منطلق الحرص والواجب الوطني والأخلاقي؛ بأن المسؤولية الوطنية والتاريخية كبيرة أمام الجميع دون استثناء؛ فالوقت ليس فيه متسعًا للأهواء والأمزجة و(الرغبات الشخصية)؛ ولا مجال هنا أيضًا لشخصنة الأمور وتحميلها مالا تحتمله؛ أو الدوران حول الذات القاتلة وبحسابات خاصة؛ هي أبعد ما تكون عن آمال وطموحات الجنوبيين؛ وهي بعيدة كذلك عن آلامهم وأوجاعهم المتعددة؛ التي لا ينبغي استثمارها لتحقيق غايات وأهداف غير أهداف شعبنا المعلنة؛ الأمر الذي يتطلب من البعض الابتعاد عن اختلاق الخصومات العبثية وبمبررات واهية بل وفاضحة لأصحابها مهما لبسوا من أقنعة.
فلم يعد هناك اليوم ما يفيد في سلوك الحماقات والمكايدات السياسية والخوف من الآخر الجنوبي؛ بسبب رأيه أو موقفه المغاير لرأي ومواقف غيره في بعض القضايا التي تطلب التفاهم والحوار المعمق حولها؛ ففي ظروف استثنائية كهذه التي يمر بها شعبنا؛ تتطلب من كل الوطنيين الجنوبيين الأحرار؛ أن يرتقوا إلى مستوى التحديات والقبول بالآخر وعلى قاعدة الثقة الوطنية المتبادلة؛ ونسج علاقات وطنية وسياسية مسؤولة؛ يغادر معها الكل مدرسة التربص بالآخر ونصب الكمائن السياسية القائمة على قصر النظر والتقديرات الخاطئة؛ وعلى حساب مصير الجنوب ومستقبله؛ فالجنوب اليوم في هذه الظروف هو أحوج ما يكون لوحدة صفوف مناضليه وترجمة الأقوال بالأفعال.
فإذا لم يكن الجنوب هو عنوان الوحدة وأساس التوافق؛ فلن يكون بمقدور ما هو أدنى من مصير الجنوب ومستقبله أن يفعل ذلك؛ فالمرحلة وظروفها المحيطة بالجنوب وقضيته؛ هي اليوم الاختبار الجدي والحقيقي لكل من يناضلون حقًا وصدقًا من أجل انتصار مشروع الجنوب الوطني؛ ففي هذه الظروف يبقى التجاوز الواعي لبعض أوجه التباينات والاختلافات وتقديم التنازلات المتبادلة؛ لأمر مطلوب أكثر من أي وقت مضى.