وهم الحرية وحقيقة الحريات
لطالما شككت في مفهوم "الحرية" وغموضه عندما يأتي مرسلا هكذا بلا تحديد.
فالحرية، بدون تحديد، قد تعني للشيوعي تحرر الانسان من الطبقة المستغلة حتى ولو صودرت حقوقه السياسية والمدنية. والحرية بالنسبة للاسلامي هي تخليص الناس من قوانين البشر وحكم الناس بالقوانين الدينية حتى ولو استعبدت الناس جسدا وروحا باسم الدين. والحرية بالنسبة للفاشي أو الشعبوي هي التحرر من الضغط الخارجي حتى ولو كان البديل احتلالا داخليا أدمى وأوغل من احتلال الخارج.
لكن مع ظهور شرعة حقوق الإنسان ودمقرطة السياسة انتقل التفكير في الحرية من البعد العام الى البعد الإجرائي.
في التفسير الاجرائي-المتخصص يصبح لدينا حريات متعددة ومضبوطة مفاهيميا وقانونيا وقابلة للقياس.
صار لدينا مثلا :
* الحريات الأساسية والشخصية : حرية المعتقد والضمير والتنقل والسكن والزواج والعمل.
* والحريات السياسية: حرية تشكيل الأحزاب والانتخابات والترشح والاحتجاج والتظاهر.
* والحريات المدنية: حرية التعبير والنشر وحرية الصحافة وتكوين الجمعيات وحرية الفن والابداع.
* والحريات الاقتصادية: حرية التجارة والملكية والبيع والشراء.
الحريات المعاصرة هي "حقوق" أيضا.. والحق لا ينتزع ولا يعطل.
فلا يمكن أن ندعي أننا أحرار بالمطلق اذا لم نكن نمارس حرياتنا الشخصية والمدنية والسياسية. واذا لم يكن هناك نصوص قانونية واضحة تؤكدها ومؤسسات حكومية ومدنية تحميها.
صارت الحريات محدده وقابلة للقياس . حرية الصحافة مثلا لها مقياس عالمي يحدد درجة التزام كل بلد بها، وكذلك بقية الحريات.
لكي لا تنخدع مرة أخرى لا تطالب بـ"حريتك" وانما بـ"حرياتك".....
حرياتك الشخصية والسياسية والمدنية والاقتصادية وطالب ان يضمنها الدستور والقانون بنصوص لا لبس فيها.
*- حسين الوادعي... كاتب يمني