‏هو البعيد حمار؟

2024-10-22 08:19

 

كلمة دارجة على لسان فلاحين مصر والطبقة الشعبية للسخرية من الغباء واستنكار الأغبياء..

 

لكنها غير دارجة على لسان الطبقة الأرستقراطية المصرية ويستعيضون عنها بعبارات موازية، ك ( هو البعيد مبيفهمش؟) ( انت جايبينك من ورا الجاموسة؟)

 

لا أعلم كلما سمعت أو رأيت من يرفع صور جنود وشهداء مصر لمنع الترحم أو دعم المقاومة الفلسطينية، أتذكر فورا هذه العبارات الشعبية الخالدة..

 

فالمصري من يومه عاشق للمقاومة ضد إسرائيل وداعم لها، وفي ذات الوقت عاشق لقواته المسلحة وداعم لها، ولا يجد أي تعارض بين الاثنين، منذ أول مقاومة عربية في الثلاثينيات والأربعينيات، مرورا بمنظمة التحرير، وصولا لحماس والجهاد والجبهة الشعبية ...

 

وفي المنطق يوصف هذا الفعل من تلك الفئة التي ترفع صور جيشها مقابل صور المقاومة بالخطأ المنطقي..

 

حيث لا يجتمعان في المحل كل من صورة الجندي الوطني وجندي المقاومة، وفي تعريفات المناطقة يجري وصف كل جندي وفقا لحصوله في الذهن، وهو ما يطلق عليه العلم الحصولي، أي حصول صورة الجندي في الدماغ البشري وطريقة تكوينها وتشكلها، وهو تكوين جامع بين السياسة والدين واللغة والقومية والهوية والتاريخ المشترك..

 

فالجندي الوطني المصري يحرس الأرض والشعب، كذلك جندي المقاومة الفلسطينية و اللبنانية يحرس أرضه وشعبه، ولكل منهم عمله وسياقه الخاص..

 

إنما الذي أحزنني وقوع فئة من دعاة وعناصر التنوير في هذا الخطأ المنطقي الساذج، حيث يهم برفع صور. الشهيد أحمد المنسي لمنع الناس من التعاطف مع السنوار، وهو خطأ بلغ من السذاجة والعته ما يمكن أن تصنف به كتب الشعر والنوادر..

 

فالمصريون يحبون السنوار وأحمد المنسي معا، ولا يجدون غضاضة من رفع صور الاثنين كأبطال خلدهم التاريخ، 

 

هذا شهيد على يد الإرهاب، وهذا شهيد على يد إسرائيل، والشعب المصري من أكثر شعوب الأرض خبرة بالصهاينة واطلاعا على إرهابهم وتطرفهم وجرائمهم الجبانة ضد المدنيين والعزل..

 

فالإرهاب و إسرائيل عند المصري واحد

 

ونقول لمن يرفع صور شهداء مصر ضد شهداء فلسطين ( لا تتاجروا بالشهداء) فالتجارة بصور الجيش في هذا التوقيت لا تعني سوى شئ واحد إنك صهيوني تتستر في ثياب الوطنية المحلية، فالمجاهرة بدعم إسرائيل صعبة وغير مأمونة العواقب، لكن دعم الصهاينة بالتستر وراء الجيش الوطني مضمونة..

 

وفي كل الأحوال، لا تستغرب من ردة فعل المصريين على هذه المتاجرة المفضوحة بعباراته الخالدة ( هو البعيد مبيفهمش؟ هو البعيد حمار ؟) فأحيانا قسوة الرد على الأغبياء العدوانيين تدفعهم للمراجعة والصمت، ويبقى المجتمع بتدافعه هو الضامن على تعديل سلوكه بنفسه، وصنع ثقافته الخاصة وتميزه بنفسه...