عاش سيدنا محمد صلاة ربي وسلامه عليه وعلى آله الأطهار الطيبين قرابة الأحد عشر عاما في المدينة المنورة وقبل إخراج كفار قريش لرسول الله من مكة مكث فيها بعد البعثة 13 عاما".
قبل أن نتطرق إلى موضوع الكاتب السعودي عن موضوع العنوان يود محرر "شبوة برس" أن يلفت النظر إلى موضوع الـ 520 خطبة جمعة من خطب الرسول الكريم والتي أستمع إليها وشهودها المئات وآلاف من الصحابة هي الأكثر موثوقية ومصداقية من أي أخبار منقولة عن رسول ينقلها أفراد أو عدد محدود من الصحابة بل الأكثر موثوقية هي خطب عيدي الفطر والأضحى وعددها أكثر من عشرين عيدا وشهودها ومستمعيها أعدادهم آلآف الصحابة يتجمعون للصلاة خلف الرسول والأستماع لخطبه البليغة فلماذا لم توثق ويهتم بها كتاب كتب السير والمؤرخون المسلمون وأهتموا بموضوعات العنعنة (عن فلان عن فلان)".
محرر "شبوة برس" أطلع على ما كتبه الكاتب السعودي "فهد عامر الأحمدي في جريدة الرياض عن موضوع "أين ذهبت خطب الرسول الجزء (1-2)" ونعيد نشره للأهمية والفائدة:
هذه هي الحقيقة التي شغلتني طويلا.. فهناك أكثر من خمس مئة (خطبة جمعة) قالها الرسول صلى الله عليه وسلم مفقودة أو غيّبت وأختفت أو لم تصلنا كاملة.
فمعظم الروايات تتفق على أن الرسول الكريم مكث عشر سنين في المدينة المنورة قبل أن يتوفاه الله في سن الثالثة والستين؛ فعن هشام بن عروة عن ابن عباس قال: أنزل القرآن على النبي وهو ابن أربعين سنة، ثم مكث بمكة ثلاث عشرة سنة، وبالمدينة عشر سنين وقبض وهو ابن ثلاث وستين.
وعن زائدة عن هشام قال قال الحسن: أنزل القرآن على النبي عليه الصلاة والسلام وهو ابن أربعين سنة، فمكث بمكة عشر سنين، وبالمدينة عشر سنين.
(الصحيح مكث بمكة 13 عاما)
وعن أبي سلمة عن عائشة وابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبث بمكة عشر سنين، ينزل عليه الفرقان، وبالمدينة عشرا.
وفي المقابل لا خلاف في أن خطبة الجمعة فرضت قبل هجرة الرسول للمدينة ولكنه لم يستطع أن يجمع الناس بمكة ولم يصل الجمعة علنا إلا في المدينة المنورة (حسب تلخيص الحبير لابن حجر العسقلاني، مجلد4 ص517).
وعشر سنوات في المدينة المنورة تعني إقامة 510 خطب جمعة (حيث تتضمن السنة 51 أسبوعا) ألقاها الرسول أمام جموع المؤمنين لا نعرف عنها شيئا.. باستثناء خطبة الوداع التي ألقاها لاحقا في عرفات في السنة العاشرة من الهجرة!!
صحيح أن هناك أحاديث ترتبط أو تتضمن أجزاء من خطب الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ولكنها إما تشير لوجود الخطبة (دون سرد نصها) ضمن سياق الحديث نفسه، أو تجتزئ منها سطرا أو سطرين لا ترقى لطول الخطب المعروفة في صلوات الجمع.
وكنت شخصيا قد طرحت هذا السؤال على أكثر من عالم فاضل لاحظت خلالها حالة تأمل وصمت قصيرة (وكأنه يتساءل بينه وبين نفسه: فعلا أين ذهبت الخطب؟) ثم يستدرك بسرعة: موجودة ولكن من خلال الأحاديث النبوية ذاتها.. وقبل كتابة هذا المقال أفادني أحدهم عبر الهاتف أن من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم في خطب الجمعة "التقصير والاختصار" وعدم الاطالة كما يحدث اليوم، وأن ما جاء في بعض الأحاديث قد تكون هي الخطب المقصودة..!!
ورغم تقديري لهذه الإجابة إلا أنه يصعب علينا تصور اختصار خطبة كاملة لمستوى حديث لا يتجاوز سطرا أو سطرين (بدليل وجود خطبة الوداع التي تتضمن نصا كاملا، وسردا متواصلا، وسياقا يوحي بحقيقة الفرق بين الخطبة والحديث).
ومن أمثلة الأحاديث التي تتحدث عن وجود الخطب (دون ذكر النص) ما جاء عن عبدالله بن زمعة: "خطب النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكر النساء فوعظهم فيهن ثم قال: إلام يجلد أحدكم امرأته جلد الأمة ولعله أن يضاجعها من آخر يومه".. فهذا الحديث يؤكد وجود موعظة وخطبة كاملة في حقوق النساء (لم يدونها أحد) ولم تذكر هنا إلا كتمهيد للحديث نفسه!!
أما من حيث العدد فلاحظ أننا نتساءل هنا عن (خطب) تفوق في عددها مجمل الأحاديث المتواترة التي ترتبط بالخطب ذاتها.. مع ملاحظة أن الرسول الكريم ألقى بعض خطبه في غير صلاة جمعة أثناء الغزوات أو اجتماع الناس وقدوم الوفود.
ولأن الموضوع ليس جديدا بالنسبة لي؛ سبق وبحثت عما يفيدني بهذا الخصوص فوجدت قبل أعوام - وأثناء تجولي في معرض القاهرة للكتاب - كتابا بعنوان "خطب المصطفى صلى الله عليه وسلم" من جمع محمد خليل الخطيب (ونشر دار الاعتصام 1983).. وأذكر أنني فرحت فرحا شديدا بهذا الكتاب حتى بدأت أتصفحه فاكتشفت أنه لا يتضمن سردا لخطب الرسول كاملة - كما قد يفهم من عنوانه - إنما فقط تجميعا للأحاديث التي ترتبط بها واقتصر دور المؤلف على تخريج الأحاديث وشرح معاني الكلمات.
.. وللمقال بقية..