وُلِدَ الهُدى فَالكائِناتُ ضِياءُ * وَفَمُ الزَمانِ تَبَسُّمٌ وَثَناءُ

2024-09-14 04:06
وُلِدَ الهُدى فَالكائِناتُ ضِياءُ * وَفَمُ الزَمانِ تَبَسُّمٌ وَثَناءُ
شبوه برس - متابعات - عامّة

 

 

*- شبوة برس _ أمير الشعراء أحمد شوقي رضي الله عنه

 

١     وُلِدَ الهُدى فَالكائِناتُ ضِياءُ*     وَفَمُ الزَمانِ تَبَسُّمٌ وَثَناءُ

٢     الروحُ وَالمَلَأُ المَلائِكُ حَولَهُ*     لِلدينِ وَالدُنيا بِهِ بُشَراءُ

٣     وَالعَرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي* وَالمُنتَهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ

٤     وَحَديقَةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا* بِالتُرجُمانِ شَذِيَّةٌ غَنّاءُ

٥     وَالوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلًا مِن سَلسَلٍ*     وَاللَوحُ وَالقَلَمُ البَديعُ رُواءُ

٦     نُظِمَت أَسامي الرُسلِ فَهيَ صَحيفَةٌ*  في اللَوحِ وَاسمُ مُحَمَّدٍ طُغَراءُ

٧     اسمُ الجَلالَةِ في بَديعِ حُروفِهِ*   أَلِفٌ هُنالِكَ وَاسمُ طَهَ الباءُ

٨     يا خَيرَ مَن جاءَ الوُجودَ تَحِيَّةً*    مِن مُرسَلينَ إِلى الهُدى بِكَ جاؤوا

٩     بَيتُ النَبِيّينَ الَّذي لا يَلتَقي*       إِلّا الحَنائِفُ فيهِ وَالحُنَفاءُ

١٠   خَيرُ الأُبُوَّةِ حازَهُمْ لَكَ آدَمٌ*       دونَ الأَنامِ وَأَحرَزَت حَوّاءُ

١١   هُم أَدرَكوا عِزَّ النُبُوَّةِ وَانتَهَت*    فيها إِلَيكَ العِزَّةُ القَعساءُ

١٢   خُلِقَت لِبَيتِكَ وَهوَ مَخلوقٌ لَها* إِنَّ العَظائِمَ كُفؤُها العُظَماءُ

١٣   بِكَ بَشَّرَ اللَهُ السَماءَ فَزُيِّنَت*     وَتَضَوَّعَت مِسكًا بِكَ الغَبراءُ

١٤   وَبَدا مُحَيّاكَ الَّذي قَسَماتُهُ*      حَقٌّ وَغُرَّتُهُ هُدىً وَحَياءُ

١٥   وَعَلَيهِ مِن نورِ النُبُوَّةِ رَونَقٌ*      وَمِنَ الخَليلِ وَهَديِهِ سيماءُ

١٦   أَثنى المَسيحُ عَلَيهِ خَلفَ سَمائِهِ*       وَتَهَلَّلَت وَاهتَزَّتِ العَذراءُ

١٧   يَومٌ يَتيهُ عَلى الزَمانِ صَباحُهُ*    وَمَساؤُهُ بِمُحَمَّدٍ وَضّاءُ

١٨   الحَقُّ عالي الرُكنِ فيهِ مُظَفَّرٌ*    في المُلكِ لا يَعلو عَلَيهِ لِواءُ

١٩   ذُعِرَت عُروشُ الظالِمينَ فَزُلزِلَت*      وَعَلَت عَلى تيجانِهِم أَصداءُ

٢٠   وَالنارُ خاوِيَةُ الجَوانِبِ حَولَهُمْ*  خَمَدَت ذَوائِبُها وَغاضَ الماءُ

٢١   وَالآيُ تَترى وَالخَوارِقُ جَمَّةٌ*     جِبريلُ رَوّاحٌ بِها غَدّاءُ

٢٢   نِعمَ اليَتيمُ بَدَت مَخايِلُ فَضلِهِ* وَاليُتمُ رِزقٌ بَعضُهُ وَذَكاءُ

٢٣   في المَهدِ يُستَسقى الحَيا بِرَجائِهِ*       وَبِقَصدِهِ تُستَدفَعُ البَأساءُ

٢٤   بِسِوى الأَمانَةِ في الصِبا وَالصِدقِ لَم* يَعرِفهُ أَهلُ الصِدقِ وَالأُمَناءُ

٢٥   يا مَن لَهُ الأَخلاقُ ما تَهوى العُلا*      مِنها وَما يَتَعَشَّقُ الكُبَراءُ

٢٦   لَو لَم تُقِم دينًا لَقامَت وَحدَها*  دينًا تُضيءُ بِنورِهِ الآناءُ

٢٧   زانَتكَ في الخُلُقِ العَظيمِ شَمائِلٌ*       يُغرى بِهِنَّ وَيولَعُ الكُرَماءُ

٢٨   أَمّا الجَمالُ فَأَنتَ شَمسُ سَمائِهِ*       وَمَلاحَةُ الصِدّيقِ مِنكَ أَياءُ

٢٩   وَالحُسنُ مِن كَرَمِ الوُجوهِ وَخَيرُهُ*       ما أوتِيَ القُوّادُ وَالزُعَماءُ

٣٠   فَإِذا سَخَوتَ بَلَغتَ بِالجودِ المَدى*   وَفَعَلتَ ما لا تَفعَلُ الأَنواءُ

٣١   وَإِذا عَفَوتَ فَقادِرًا وَمُقَدَّرًا*       لا يَستَهينُ بِعَفوِكَ الجُهَلاءُ

٣٢   وَإِذا رَحِمتَ فَأَنتَ أُمٌّ أَو أَبٌ*     هَذانِ في الدُنيا هُما الرُحَماءُ

٣٣   وَإِذا غَضِبتَ فَإِنَّما هِيَ غَضبَةٌ*   في الحَقِّ لا ضِغنٌ وَلا بَغضاءُ

٣٤   وَإِذا رَضيتَ فَذاكَ في مَرضاتِهِ*  وَرِضا الكَثيرِ تَحَلُّمٌ وَرِياءُ

٣٥   وَإِذا خَطَبتَ فَلِلمَنابِرِ هِزَّةٌ* تَعرو النَدِيَّ وَلِلقُلوبِ بُكاءُ

٣٦   وَإِذا قَضَيتَ فَلا ارتِيابَ كَأَنَّما*   جاءَ الخُصومَ مِنَ السَماءِ قَضاءُ

٣٧   وَإِذا حَمَيتَ الماءَ لَم يورَد وَلَو*  أَنَّ القَياصِرَ وَالمُلوكَ ظِماءُ

٣٨   وَإِذا أَجَرتَ فَأَنتَ بَيتُ اللهِ لَم*  يَدخُل عَلَيهِ المُستَجيرَ عَداءُ

٣٩   وَإِذا مَلَكتَ النَفسَ قُمتَ بِبِرِّها* وَلَوَ اَنَّ ما مَلَكَت يَداكَ الشاءُ

٤٠   وَإِذا بَنَيتَ فَخَيرُ زَوجٍ عِشرَةً*     وَإِذا ابتَنَيتَ فَدونَكَ الآباءُ

٤١   وَإِذا صَحِبتَ رَأى الوَفاءَ مُجَسَّمًا*      في بُردِكَ الأَصحابُ وَالخُلَطاءُ

٤٢   وَإِذا أَخَذتَ العَهدَ أَو أَعطَيتَهُ*    فَجَميعُ عَهدِكَ ذِمَّةٌ وَوَفاءُ

٤٣   وَإِذا مَشَيتَ إِلى العِدا فَغَضَنفَرٌ* وَإِذا جَرَيتَ فَإِنَّكَ النَكباءُ

٤٤   وَتَمُدُّ حِلمَكَ لِلسَفيهِ مُدارِيًا*     حَتّى يَضيقَ بِعَرضِكَ السُفَهاءُ

٤٥   في كُلِّ نَفسٍ مِن سُطاكَ مَهابَةٌ*  وَلِكُلِّ نَفسٍ في نَداكَ رَجاءُ

٤٦   وَالرَأيُ لَم يُنضَ المُهَنَّدُ دونَهُ*    كَالسَيفِ لَم تَضرِب بِهِ الآراءُ

٤٧   يأَيُّها الأُمِيُّ حَسبُكَ رُتبَةً*    في العِلمِ أَن دانَت بِكَ العُلَماءُ

٤٨   الذِكرُ آيَةُ رَبِّكَ الكُبرى الَّتي*      فيها لِباغي المُعجِزاتِ غَناءُ

٤٩   صَدرُ البَيانِ لَهُ إِذا التَقَتِ اللُغى* وَتَقَدَّمَ البُلَغاءُ وَالفُصَحاءُ

٥٠   نُسِخَت بِهِ التَوراةُ وَهيَ وَضيئَةٌ* وَتَخَلَّفَ الإِنجيلُ وَهوَ ذُكاءُ

٥١   لَمّا تَمَشّى في الحِجازِ حَكيمُهُ*   فُضَّت عُكاظُ بِهِ وَقامَ حِراءُ

٥٢   أَزرى بِمَنطِقِ أَهلِهِ وَبَيانِهِمْ*      وَحيٌ يُقَصِّرُ دونَهُ البُلَغاءُ

٥٣   حَسَدوا فَقالوا شاعِرٌ أَو ساحِرٌ* وَمِنَ الحَسودِ يَكونُ الاستِهزاءُ

٥٤   قَد نالَ بِالهادي الكَريمِ وَبِالهُدى*      ما لَم تَنَل مِن سُؤدُدٍ سيناءُ

٥٥   أَمسى كَأَنَّكَ مِن جَلالِكَ أُمَّةٌ*     وَكَأَنَّهُ مِن أُنسِهِ بَيداءُ

٥٦   يوحى إِلَيكَ الفَوزُ في ظُلُماتِهِ*     مُتَتابِعًا تُجلى بِهِ الظَلماءُ

٥٧   دينٌ يُشَيَّدُ آيَةً في آيَةٍ*      لَبِناتُهُ السوراتُ وَالأَدواءُ

٥٨   الحَقُّ فيهِ هُوَ الأَساسُ وَكَيفَ لا*      وَاللهُ جَلَّ جَلالُهُ البَنّاءُ

٥٩   أَمّا حَديثُكَ في العُقولِ فَمَشرَعٌ* وَالعِلمُ وَالحِكَمُ الغَوالي الماءُ

٦٠   هُوَ صِبغَةُ الفُرقانِ نَفحَةُ قُدسِهِ*       وَالسينُ مِن سَوراتِهِ وَالراءُ

٦١   جَرَتِ الفَصاحَةُ مِن يَنابيعَ النُهى*      مِن دَوحِهِ وَتَفَجَّرَ الإِنشاءُ

٦٢   في بَحرِهِ لِلسابِحينَ بِهِ عَلى*      أَدَبِ الحَياةِ وَعِلمِها إِرساءُ

٦٣   أَتَتِ الدُهورُ عَلى سُلافَتِهِ وَلَم*  تَفنَ السُلافُ وَلا سَلا النُدَماءُ

٦٤   بِكَ يا ابنَ عَبدِ اللهِ قامَت سَمحَةٌ*     بِالحَقِّ مِن مَلَلِ الهُدى غَرّاءُ

٦٥   بُنِيَت عَلى التَوحيدِ وَهيَ حَقيقَةٌ*      نادى بِها سُقراطُ وَالقُدَماءُ

٦٦   وَجَدَ الزُعافَ مِنَ السُمومِ لِأَجلِها*      كَالشَهدِ ثُمَّ تَتابَعَ الشُهَداءُ

٦٧   وَمَشى عَلى وَجهِ الزَمانِ بِنورِها* كُهّانُ وادي النيلِ وَالعُرَفاءُ

٦٨   إيزيسُ ذاتُ المُلكِ حينَ تَوَحَّدَت*     أَخَذَت قِوامَ أُمورِها الأَشياءُ

٦٩   لَمّا دَعَوتَ الناسَ لَبّى عاقِلٌ*     وَأَصَمَّ مِنكَ الجاهِلينَ نِداءُ

٧٠   أَبَوا الخُروجَ إِلَيكَ مِن أَوهامِهِمْ* وَالناسُ في أَوهامِهِمْ سُجَناءُ

٧١   وَمِنَ العُقولِ جَداوِلٌ وَجَلامِدٌ*   وَمِنَ النُفوسِ حَرائِرٌ وَإِماءُ

٧٢   داءُ الجَماعَةِ مِن أَرِسطاليسَ لَم*       يوصَف لَهُ حَتّى أَتَيتَ دَواءُ

٧٣   فَرَسَمتَ بَعدَكَ لِلعِبادِ حُكومَةً* لا سوقَةٌ فيها وَلا أُمَراءُ

٧٤   اللهُ فَوقَ الخَلقِ فيها وَحدَهُ*     وَالناسُ تَحتَ لِوائِها أَكفاءُ

٧٥   وَالدينُ يُسرٌ وَالخِلافَةُ بَيعَةٌ*      وَالأَمرُ شورى وَالحُقوقُ قَضاءُ

٧٦   الإِشتِراكِيّونَ أَنتَ إِمامُهُمْ*  لَولا دَعاوي القَومِ وَالغُلَواءُ

٧٧   داوَيتَ مُتَّئِدًا وَداوَوا ظَفرَةً*       وَأَخَفُّ مِن بَعضِ الدَواءِ الداءُ

٧٨   الحَربُ في حَقٍّ لَدَيكَ شَريعَةٌ*    وَمِنَ السُمومِ الناقِعاتِ دَواءُ

٧٩   وَالبِرُّ عِندَكَ ذِمَّةٌ وَفَريضَةٌ* لا مِنَّةٌ مَمنونَةٌ وَجَباءُ

٨٠   جاءَت فَوَحَّدَتِ الزَكاةُ سَبيلَهُ*   حَتّى التَقى الكُرَماءُ وَالبُخَلاءُ

٨١   أَنصَفَت أَهلَ الفَقرِ مِن أَهلِ الغِنى*   فَالكُلُّ في حَقِّ الحَياةِ سَواءُ

٨٢   فَلَوَ اَنَّ إِنسانًا تَخَيَّرَ مِلَّةً*    ما اختارَ إِلّا دينَكَ الفُقَراءُ

٨٣   يأَيُّها المُسرى بِهِ شَرَفًا إِلى* ما لا تَنالُ الشَمسُ وَالجَوزاءُ

٨٤   يَتَساءَلونَ وَأَنتَ أَطهَرُ هَيكَلٍ*    بِالروحِ أَم بِالهَيكَلِ الإِسراءُ

٨٥   بِهِما سَمَوتَ مُطَهَّرَينِ كِلاهُما*   نورٌ وَرَيحانِيَّةٌ وَبَهاءُ

٨٦   فَضلٌ عَلَيكَ لِذي الجَلالِ وَمِنَّةٌ*       وَاللهُ يَفعَلُ ما يَرى وَيَشاءُ

٨٧   تَغشى الغُيوبَ مِنَ العَوالِمِ كُلَّما* طُوِيَت سَماءٌ قُلِّدَتكَ سَماءُ

٨٨   في كُلِّ مِنطَقَةٍ حَواشي نورُها*    نونٌ وَأَنتَ النُقطَةُ الزَهراءُ

٨٩   أَنتَ الجَمالُ بِها وَأَنتَ المُجتَلى*       وَالكَفُّ وَالمِرآةُ وَالحَسناءُ

٩٠   اللهُ هَيَّأَ مِن حَظيرَةِ قُدسِهِ*       نَزُلًا لِذاتِكَ لَم يَجُزهُ عَلاءُ

٩١   العَرشُ تَحتَكَ سُدَّةً وَقَوائِمًا*     وَمَناكِبُ الروحِ الأَمينِ وِطاءُ

٩٢   وَالرُسلُ دونَ العَرشِ لَم يُؤذَن لَهُمْ*    حاشا لِغَيرِكَ مَوعِدٌ وَلِقاءُ

٩٣   الخَيلُ تَأبى غَيرَ أَحمَدَ حامِيًا*     وَبِها إِذا ذُكِرَ اسمُهُ خُيَلاءُ

٩٤   شَيخُ الفَوارِسِ يَعلَمونَ مَكانَهُ*   إِن هَيَّجَت آسادَها الهَيجاءُ

٩٥   وَإِذا تَصَدّى لِلظُبا فَمُهَنَّدٌ* أَو لِلرِماحِ فَصَعدَةٌ سَمراءُ

٩٦   وَإِذا رَمى عَن قَوسِهِ فَيَمينُهُ*      قَدَرٌ وَما تُرمى اليَمينُ قَضاءُ

٩٧   مِن كُلِّ داعي الحَقِّ هِمَّةُ سَيفِهِ* فَلِسَيفِهِ في الراسِياتِ مَضاءُ

٩٨   ساقي الجَريحِ وَمُطعِمُ الأَسرى وَمَن*  أَمِنَت سَنابِكَ خَيلِهِ الأَشلاءُ

٩٩   إِنَّ الشَجاعَةَ في الرِجالِ غَلاظَةٌ* ما لَم تَزِنها رَأفَةٌ وَسَخاءُ

١٠٠ وَالحَربُ مِن شَرَفِ الشُعوبِ فَإِن بَغَوا*       فَالمَجدُ مِمّا يَدَّعونَ بَراءُ

١٠١ وَالحَربُ يَبعَثُها القَوِيُّ تَجَبُّرًا*    وَيَنوءُ تَحتَ بَلائِها الضُعَفاءُ

١٠٢ كَم مِن غُزاةٍ لِلرَسولِ كَريمَةٍ*      فيها رِضىً لِلحَقِّ أَو إِعلاءُ

١٠٣ كانَت لِجُندِ اللهِ فيها شِدَّةٌ*       في إِثرِها لِلعالَمينَ رَخاءُ

١٠٤ ضَرَبوا الضَلالَةَ ضَربَةٌ ذَهَبَت بِها*      فَعَلى الجَهالَةِ وَالضَلالِ عَفاءُ

١٠٥ دَعَموا عَلى الحَربِ السَلامَ وَطالَما*   حَقَنَت دِماءً في الزَمانِ دِماءُ

١٠٦ الحَقُّ عِرضُ اللهِ كلُّ أَبِيَّةٍ*  بَينَ النُفوسِ حِمىً لَهُ وَوِقارُ

١٠٧ هَل كانَ حَولَ مُحَمَّدٍ مِن قَومِهِ* إِلا صَبِيٌّ واحِدٌ وَنِساءُ

١٠٨ فَدَعا فَلَبّى في القَبائِلِ عُصبَةٌ*    مُستَضعَفونَ قَلائِلٌ أَنضاءُ

١٠٩ رَدّوا بِبَأسِ العَزمِ عَنهُ مِنَ الأَذى*       ما لا تَرُدُّ الصَخرَةُ الصَمّاءُ

١١٠ وَالحَقُّ وَالإيمانُ إِن صُبّا عَلى*   بُردٍ فَفيهِ كَتيبَةٌ خَرساءُ

١١١ نَسَفوا بِناءَ الشِركِ فَهوَ خَرائِبٌ* وَاستَأصَلوا الأَصنامَ فَهيَ هَباءُ

١١٢ يَمشونَ تُغضي الأَرضُ مِنهُمْ هَيبَةً*    وَبِهِمْ حِيالَ نَعيمِها إِغضاءُ

١١٣ حَتّى إِذا فُتِحَت لَهُمْ أَطرافُها*    لَم يُطغِهِمْ تَرَفٌ وَلا نَعماءُ

١١٤ يا مَن لَهُ عِزُّ الشَفاعَةِ وَحدَهُ*    وَهوَ المُنَزَّهُ ما لَهُ شُفَعاءُ

١١٥ عَرشُ القِيامَةِ أَنتَ تَحتَ لِوائِهِ* وَالحَوضُ أَنتَ حِيالَهُ السَقاءُ

١١٦ تَروي وَتَسقي الصالِحينَ ثَوابَهُمْ*       وَالصالِحاتُ ذَخائِرٌ وَجَزاءُ

١١٧ أَلِمِثلِ هَذا ذُقتَ في الدُنيا الطَوى*     وَانشَقَّ مِن خَلَقٍ عَلَيكَ رِداءُ

١١٨ لي في مَديحِكَ يا رَسولُ عَرائِسٌ*       تُيِّمنَ فيكَ وَشاقَهُنَّ جَلاءُ

١١٩ هُنَّ الحِسانُ فَإِن قَبِلتَ تَكَرُّمًا*  فَمُهورُهُنَّ شَفاعَةٌ حَسناءُ

١٢٠ أَنتَ الَّذي نَظَمَ البَرِيَّةَ دينُهُ*      ماذا يَقولُ وَيَنظُمُ الشُعَراءُ

١٢١ المُصلِحونَ أَصابِعٌ جُمِعَت يَدًا* هِيَ أَنتَ بَل أَنتَ اليَدُ البَيضاءُ

١٢٢ ما جِئتُ بابَكَ مادِحًا بَل داعِيًا* وَمِنَ المَديحِ تَضَرُّعٌ وَدُعاءُ

١٢٣ أَدعوكَ عَن قَومي الضِعافِ لِأَزمَةٍ*     في مِثلِها يُلقى عَلَيكَ رَجاءُ

١٢٤ أَدرى رَسولُ اللهِ أَنَّ نُفوسَهُمْ*   رَكِبَت هَواها وَالقُلوبُ هَواءُ

١٢٥ مُتَفَكِّكونَ فَما تَضُمُّ نُفوسَهُمْ*   ثِقَةٌ وَلا جَمَعَ القُلوبَ صَفاءُ

١٢٦ رَقَدوا وَغَرَّهُمُ نَعيمٌ باطِلٌ* وَنَعيمُ قَومٍ في القُيودِ بَلاءُ

١٢٧ ظَلَموا شَريعَتَكَ الَّتي نِلنا بِها*     ما لَم يَنَل في رومَةَ الفُقَهاءُ

١٢٨ مَشَتِ الحَضارَةُ في سَناها وَاهتَدى*   في الدينِ وَالدُنيا بِها السُعَداءُ

١٢٩ صَلّى عَلَيكَ اللهُ ما صَحِبَ الدُجى*    حادٍ وَحَنَّت بِالفَلا وَجناءُ

١٣٠ وَاستَقبَلَ الرِضوانَ في غُرُفاتِهِمْ* بِجِنانِ عَدنٍ آلُكَ السُمَحاءُ

١٣١ خَيرُ الوَسائِلِ مَن يَقَع مِنهُم عَلى*      سَبَبٍ إِلَيكَ فَحَسبِيَ الزَهراءُ