عزل الإنتقالي عن فضاءات التسوية يبدو واضحاً من خلال التمترس خلف الدعوة الأممية المعززة من السعودية، لمحادثات مباشرة بين طرفين لاثالث لهما: رئيس مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس السياسي للحوثي ،الأول شرعي بمنطوق القرارات الدولية، والثاني إنقلابي بمنطوق ذات القرارات، في أجواء الإعداد لمثل هذا اللقاء بجدول أعمال محدد سلفاً ، لا تحضر القضية الجنوبية لابوفد تفاوضي مشترك ، ولابإطار خاص ولا بشراكة تعكس حكومة المناصفة.
بقدر التضحيات التي قدمها الجنوب عبر قواته المسلحة، ومازال يقدمها على خطوط تماس ملتهبة، إلا أن المردود السياسي لهذه التضحيات محدود للغاية، أو لا يكاد يُذكر في شغل الكواليس السياسية والترتيبات التفاوضية.
صحيح إن خطاب رئيس المجلس الإنتقالي ، لم يغادر مايعتبره المجلس من ثوابته غير القابلة للتراجع ، وهو فك الإرتباط وإستعادة كامل الدولة بحدود ماقبل عام ٩٠، إلا أنه من خلال مراقبة الحراك الدبلوماسي الإقليمي الدولي يشي بغير ذلك ، حيث قضية الجنوب ببعدها السياسي وكما يحملها الإنتقالي، ليست حاضرة في صلب المفاوضات المرتقبة بين طرفي الحكم : سلطة مشرعنة دولياً، وسلطة صنعاء المفروضة بقوة الأمر الواقع ، مع قليل من التلاعب بالتوصيفات والتسميات ، وأن الرأسين العليمي والمشاط بمرجعياتهما الإقليمية، السعودية و إيران ، هما حاملا القلم في ترتيب الملفات وتحديد أولويات القضايا المتداولة ، وقطعاً أن الجنوب ليس ضمن العناوين الرئيسية محل النقاش.
إلى جانب محاولات التهميش السياسي وحروب الإستنزاف وإنتاج الكيانات الموازية للإنتقالي ، فإن خطر تجاوز الحق الجنوبي ببعده الحقيقي والشامل ، لن ينتج سلاماً لجميع الأطراف ، ويبقى الخطر الذي لا احد يقترب من البوح به ، أن لا رهان حتى الأبد على موقف الإمارات المنحاز للجنوب ، وإن الدول مجموعة مصالح وليست تعاليم إخلاقية وجمعيات خيرية وظيفتها تقديم فقط الهبات ، وان الضغط على أبوظبي من المركز الإقليمي الرياض ودول القرار ، وضمان مصالحها عبر غرف التفاوض وتوزيع االحصص ، من شأنه أن يغير مسار رؤية وتعاطي الإمارات تجاه الملف اليمني ، وهنا يعاد صياغة مروحة الخيارات أمام الإنتقالي ، بين ثلاثة توجهات:
دولة إتحادية ضمن الأقاليم الستة ، حكم ذاتي منزوع الصلاحيات ، أو إقليم من إقليمين ، يكون فيها الجنوب بلا قوة ولا ثروات ولا وحدة جغرافية متصلة.
هل لدى الإتقالي أوراق غير معلنة ،يستطيع فيها أن يكسر هذا الطوق ويغادر حصار الخيارات المنقوصة؟
سؤال إجابته لدى الانتقالي.