تمثل الإرادة والقدرة على تصحيح الأخطاء وتجاوزها؛ أهم عوامل النجاح وتعظيم المكاسب المحققة لأي مكون سياسي أو حركة وطنية مناضلة؛ كما هو حال المجلس الانتقالي الجنوبي اليوم؛ ولبقية القوى الوطنية والسياسية الجنوبية التي تتبنى ذات الأهداف؛ وتناضل في سبيل استعادة الجنوب لدولته وسيادته على أرضه وثرواته.
لأن الأخطاء واردة الحدوث في عمل ونشاط القوى والمكونات والتيارات السياسية المختلفة؛ ومن الصعب تجنب حدوث بعضها؛ فحتى أعرق الحركات السياسية المنظّمة عبر العالم وأكثرها خبرة وتجربة؛ لم تفلح دائمًا في تجنب ذلك؛ فمن يخوض غمار السياسية فلا بد له من أخذ الحيطة والحذر؛ لأنه لا يقوم بنشاطه السياسي بمعزل عن وجود المنافس والخصم والعدو؛ وجميعهم يتربصون به وبوسائل وطرق متعددة؛ أكانت علنية ومباشرة؛ أو بأدوات وطرق سرية وهي الأخطر؛ ويتحدد ذلك بطبيعة غاياتهم وأهدافهم.
كما أن طريق تحقيق النجاحات ليس سهلًا ولا مفروشًا بالورود؛ فالحياة السياسية كالميدان الواسع الذي ليس له أسوار أو بوابات تحكّم؛ فهو مفتوح للكل وفيه تختبر البرامج والرؤى؛ وتمتحن فيه القدرات وصلابة المواقف وثباتها؛ وفيه تتصارع الإرادات وتحاك الحيل وتنصب كمائن المكر والخداع؛ وتمارس فيها كل أنواع التضليل.
إن الكثير من الهفوات والأخطاء تأتي بسبب ضعف التقييم الحاسم وممارسة النقد الداخلي الجدي والمسؤول والهادف والموضوعي؛ ووفقًا للوائح الداخلية المنظمة لقواعد النشاط داخل هذا الكيان السياسي أو ذاك؛ أو أن النقد الذي يمارس يتم بطريقة شكلية؛ كالتعبير عن عدم الرضا أو باللوم على التقصير في أحسن الأحوال عند أي خطأ يرتكب أو تقصير في الأداء؛ وبالتالي تنعدم الإجراءات الرادعة والمحاسبة اللازمة؛ وهذا الأمر يتوقف كثيرًا على طبيعة المناخ الديمقراطي الحقيقي المتاح الذي يسود الحياة الداخلية؛ في إطار أي كيان وطني؛ وهذا ما يحتاجه اليوم المجلس الانتقالي الجنوبي وأكثر من أي وقت مضى؛ لخلق حالة تفاعل أوسع في إطار هيئاته المختلفة؛ وتحصين خطواته اللاحقة؛ بكونه الرافعة التاريخية الكبرى لقضية شعبنا الوطنية؛ فممارسة النقد والقبول به يمثل وسيلة فعالة للتصحيح والبناء والنجاح؛ وليس معولًا للهدم عندما يكون نقدًا مسؤولًا.
ومن جانب آخر فإن النفاق السياسي الذي يمارسه البعض ومعهم وإلى جانبهم الصامت (بذكاء) والمثرثر ( بغباء )؛ وأولئك الذين يتطوعون بالتبرير لأي خطأ في الحسابات السياسية؛ أو قصور في الأداء والتعثر في تحقيق النجاحات؛ فإن هؤلاء جميعًا هم أكثر من يعرقل التطور والنجاح؛ ويلحقون الأذى بسمعة ومكانة القيادات ويضعفون دور الهيئات.
فهم يختزلون دورهم بهكذا سلوك ومواقف؛ وبالتالي فإن ما يفعله المنافق السياسي بدرجة رئيسية؛ ليس مجرد ( مجاملة ) لهذا المسؤول أو ذاك؛ إنما يسهم بفعله هذا وبشكل مباشر في صناعة الخطأ وإرتكابه ولغايات قد لا تكون بريئة.
ولا يستبعد كذلك أن يكون لحملة (الأقنعة) المتعددة الأشكال والألوان وبأساليبهم ( الناعمة ) حضورهم ودورهم في بعض ما تمت الإشارة إليه؛ ولا ننسى أيضًا موقف (العدميون ) الذين لا يعترفون بنجاحات غيرهم؛ فهم يسخرون منها ويقزمونها ويشككون بها؛ بل ولا يبصرون حدوثها ولا يشعرون بتأثيرها على أرض الواقع؛ وهو مايترجم خطابهم السياسي التحريضي غير المبرر على مايتم من خطوات وطنية لصالح شعبنا وقضيته الوطنية؛ وينعكس ذلك سلبًا على تشويش وعي الناس ويبعث على الإحباط واليأس لديهم.