في منطقة كان هدف الاستقلال فيها يبدو ذات يوم بمثابة حلم بعيد، تحولت عبارة "الجنوب قادم" من مجرد شعار إلى إعلان قوي عن تحول وشيك. وعندما نقول ان الجنوب قادم فلا نقول ذلك من فراغ او من قبيل المكايدة ..بل نحن نعني ما نقول ، إنه وعد يحمل ثقل سنوات من النضال والتضحية والإصرار الذي لا يهتز ولا يتمايل للشعب الجنوبي الجبار.
لقد وصل شعب الجنوب، الذي يتوق منذ فترة طويلة إلى الاستقلال، إلى منعطف حاسم في رحلته نحو تقرير المصير. إنها نقطة اللاعودة، حيث أصبح حلم الجنوب المستقل على أعتاب أن يصبح حقيقة واقعة.
لقد ولت سنوات ما كان يسمى بالوحدة اليمنية التي استخدمت كواجهة للاحتلال والقمع في الجنوب. وتحطمت أغلال المحتلين للابد. وما نشهده اليوم في الجنوب يشبه مخاض ما قبل الولادة، أي المخاض الأخير قبل ولادة دولتنا الجديدة.القديمة.
وفي ظل القيادة الحكيمة للمجلس الانتقالي الجنوبي، اكتسبت التطلعات إلى الاستقلال زخما كبيرا. حيث نجد أنفسنا اليوم على شفا تحول تاريخي مشهود، ولم يتبق سوى خطوات بسيطة وقليل من الوقت. إنها مرحلة الإعداد الدقيق لقدوم طفل جديد، طفل يجسد تضحيات ونضالات شعب الجنوب الصامد وارادته.
إن عزيمة الشعب الجنوبي الصلبة وتضحياته العظيمة لن تذهب هدرا وستتوج بإعلان دولة الجنوب المستقلة التي طال انتظارها. وسيكون ذلك إيذانا ببزوغ فجر عهد جديد للشعب الجنوبي يتميز بالتقدم والسيادة والحرية والتنمية.
ومع ذلك، فمن المحبط أن بعض الأفراد يختارون البقاء عميانًا عن الحقيقة ويرفضون الاعتراف بالواقع الذي لا يمكن إنكاره والذي يتكشف يوما بعد يوم في الجنوب. إن إنكارهم العنيد لا ينفي التغييرات العميقة التي تحدث. إن سعي الجنوب إلى الاستقلال يرتكز على مبادئ العدالة والمساواة والحق غير القابل للتصرف في تقرير المصير.
لم تكن الرحلة نحو الاستقلال سهلة. لقد تحمل شعب الجنوب مصاعب هائلة، وتضحيات لا حصر لها، ونضالات لا هوادة فيها من أجل إسماع أصواتهم. وقد مهد صمودهم ومثابرتهم الطريق لمستقبل أكثر إشراقا، حيث يمكن للجنوب أن يرسم مساره الخاص نحو التقدم والازدهار وحلاوة الاستقلال.
وبينما نقف على عتبة فصل بالغ الأهمية في التاريخ، فمن الضرورة بمكان أن يعترف المجتمع الدولي بالتطلعات المشروعة للجنوب ويدعمها. إن التمسك بمبادئ تقرير المصير ليس واجبا أخلاقيا فحسب، بل هو أيضا شهادة على قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.
الجنوب قادم، وهو ليس وعداً أجوفاً أو شعاراً فارغاً. إنها حقيقة لا يمكن إخفاؤها أو تجاهلها. لقد أثبت الشعب الجنوبي استعداده للاستقلال، وقد حان الوقت ليعترف العالم بمكانته الصحيحة على الساحة العالمية.
ولم يتبقى سوى القليل من الوقت برهة من الزمن، بينما يتخذ الجنوب خطواته الأخيرة نحو الاستقلال، دعونا نحتفل بالروح التي لا تقهر للشعب العظيم الذي حارب كل الصعاب لاستعادة دولته وتقرير مصيره. دعونا نحتضن معًا هذه اللحظة التحويلية وندعم ولادة دولة جديدة - دولة ستلهم الأجيال القادمة وتقف كشهادة على قوة العزم والوحدة والأرادة الصلبة التي لا تتزعزع.
إن الجنوب قادم، وهو واقع يجب علينا أن ندافع عنه من أجل خير الجميع.
حافظ الشجيفي.