مطار وميناء عدن على قائمة أهدافه، فالدخول في الطور الثاني من المواجهة ،بالإنتقال من إستهداف البحار إلى تهديد الملاحة الجوية ، هو ما أقدم عليه الحوثي، بمنع هبوط طائرة في مطار المخأ قادمة من السودان ،تحمل طلاباً فارين من جحيم الحرب ، وإجبارها على العودة إلى بورتسودان.
الحوثي مخاطره تتعاظم: يوسع دائرة التهديدات ويجعل كل موانئ اليمن البحرية والجوية والبرية تحت سلطة صواريخه.
ومع أن الإدارة الإمريكية تبحث في صياغة خطة عسكرية بديلة عن القصف الحالي، إلا أن هذه الخطة مالم تأخذ منحى مختلفاً يتخطى قواعد الإشتباك الراهنة، فإن المنتج النهائي لشكلانية هذا القصف لن يؤثر كثيراً على الحوثي، بل سيجذر مسوغات بقاءه ويشرعنه سياسياً كطرف مستهدف، لأنه نصير للمظلومين وطرف مقاوم.
بعد أن تعاظم خطر الحوثي ،وتكشفت رغبة إيران في إستنزاف الوجود الإمريكي في المنطقة، ومحاصرته بعديد من البؤر المتوترة ، والإستهداف الممنهج في سوريا والعراق واليمن ،بما بات يعرف بتنشيط وحدة الساحات ، يتعزز لدى واشنطن اليقين بأن الخطر الحوثي وهو الأعظم ،يجب إعادة تقييمه، والنظر إليه من زوايا مختلفة، وأن حماية الحقوق السيادية في الملاحة لكل الدول ، يرتبط كلياً بجعله ينكفئ نحو داخله، وأن مهمة كتلك أصبحت الآن أكثر تعقيداً وأعلى كلفة ، وحان وقت تجاوز العمليات المحدودة التي لاتكسر قوته، والتفكير بأدوات أكثر صرامة وفاعلية وأسرع أثراً.
لا مجال للتكهن بتفاصيل جديد الخطة العسكرية البديلة، التي تدرسها الإدارة الأمريكية، ولكنها قطعاً وفي خطها العام ، تقوم على البحث عن بديل يتخطى كل هذا الركام من الفشل ، ويتجه نحو فعل يجعل من قوة الحوثي المتجاوزة حدود سيطرتها المكانية ، أقل أثراً أو منعدمة التأثير لجهة المصالح الدولية.
الحوثي عزز ترسانته العسكرية، بتخمة صواريخ ومسيَّرات فائقة النوعية والقدرة التدميرية ومترامية المسافات ،تطال كل الوجود الإمريكي في المنطقة، وتنقل الصراع من البحر الأحمر إلى القواعد الإمريكية، وحتى المصالح الإقتصادية ،مايذهب بالصراع نحو مربع آخر اكثر إتساعاً وعمقاً وأقسى كلفة وشمولية.
تدرك واشنطن أنها فقيرة جداً في معلوماتها الإستخبارية، في مايخص إحكام الحصار على مقدرات الحوثي التسليحية ، أو أن حسابات ما، تخص سياستها في المنطقة ، سمحت للحوثي أن يعزز قدراته العسكرية بتسامح أو غفلة من واشنطن ،حد تمكينه التحول من جماعة محدودة التسليح ، إلى كيان جيش بمقدوره أن ينقل المواجهات من الداخل اليمني المحترب إلى الجوار القلق ، ومنهما إلى كل الإقليم وربما مابعد الاقليم.
ماهية الخطة العسكرية الإمريكية التي يعكف البنتاجون على دراستها ، هي عنوان التكهنات ، وما إذا كانت ستعيد تفعل إداء خصوم الحوثي المحليين ، بضخ قدرات تسليحية إلى جسمهم العسكري الضعيف ، ومن ثم العمل المنسق معاً، بين الجو والأرض: الأول يدمرالقدرات الضاربة للحوثي ، والثاني يبسط سيطرته على الأرض ، في مساحة تبدأ من نقطة إزاحة الحوثي عن الحديدة، كمنصة تجعل من مضيق باب المندب والبحر الأحمر وعموم الإقتصاد العالمي تحت رحمته.
قرار كهذا كفيل بأن يدفع الحوثي وغرفة القيادة والسيطرة الإيرانية، إلى تدشين البدء بالمرحلة الثانية من الصراع، بإستهداف كل الوجود الأمريكي في القرن الإفريقي والخليج وعموم المنطقة.
يمكن القول بإختصار أن خيارات واشنطن تتأرجح ،بين إستمرار المضي بقواعد الإشتباك الراهنة بنتائجها الهشة، أو الإحتواء بالمفاوضات والقنوات الوسيطة غير المعلنة ،أو الدخول بمعادلة صفرية عنوانها القضاء على الحوثي بأي ثمن،أو بسقف أقل إعادته إلى وضع القوة المحلية محدودة التسليح.
مايجعل هذه الخيارات إكثر تعقيداً أن روسيا تتموضع إلى جانب إيران ، لتحويل المنطقة إلى بؤرة إستنزاف للأمريكان، وإجبارهم على الدخول بمسارات تتصل بتبادل الملفات: اليمن مقابل أوكرانيا.