وادي حسي.. الحاضر وقت الشدائد.. المنسي وقت الرخاء!!

2024-01-04 13:05
وادي حسي.. الحاضر وقت الشدائد.. المنسي وقت الرخاء!!

صورة تعبيرية من أرشيف شبوه برس- من محافظة شبوة

شبوه برس - خـاص - ردفـان لحــج

 

*- شبوة برس - محمد عكاشة..

عند مدخل الوادي طلوعا صخرة كبيرة رُسم عليها علم الجنوب عام 1995م بعد عام واحد من الإحتلال اليمني الهمجي ..بعد أن مزق الإحتلال أعلام الجنوب في كل منطقة دخلها. في مدخل الوادي رُسم العلم.. نحن هنا لن ننسى جنوبنا .. كالقيامة ذات يوم آتٍ..

 

ذاك لسان حال أبناء الوادي لن ينسون ثأرهم فبدأوا من هناك ثأرا عظيم.. ومن شامخات الجبال ابتدينا..

 

وادي حسي بقراه الكثيرة الممتدة على طريق طولها خمسة عشر كيلومترا حتى جبل ودنه سال الوادي قادة و ثوارا وكوادرا ونوابغا وأدباء ومثقفين نذكر منهم على سبيل الذكر لا الحصر حيث لانستطيع في هذه العجالة أن نذكر هامات وعمالقة هذا الوادي العظيم....

 

اللواء هيثم قاسم طاهر وزير الدفاع من أبناء الوادي ..

العميد .. عبد الدايم محمد صالح قائد لواء بارشيد..

الدكتور الأكاديمي خالد مثنى حبيب.. وكثيرا من الكوادر المتخصصة في مجال الطب والهندسة والحقوق لاحصر لهم وكثير من القادة العسكريين الذين شغلوا مختلف المناصب .. وكثير من المبدعين المثقفين والأدباء والشعراء الذين يزخر بهم وادي حسي..

 

وادي حسي أحد وديان مديرية حبيل جبر ردفان..

وادي حسي من أعلاه يسيل الماء إلى وادي بنا ومن أعلاه تسيل هامات الرجال في شحذ الهمم قتالا ونضالا سلمي انتشروا في كل ربوع الوطن الجنوبي مامن وحدة عسكرية جنوبية إلا وفيها من أبناء الوادي..

مامن صرح أكاديمي إلا وفيه من أبناء الوادي..

مامن محفل ثقافي وأدبي إلا وفيه من أبناء الوادي..

 

وادي حسي المتدفق رجالا فاضت بها أرض الجنوب الحاضر وقت الشدائد المنسي وقت الرخاء..

لم يذكروا يوما أنهم منسيين ولم يمنوا على أحدا مايقدموه في سبيل عزة واستقلال الجنوب.

شهداء الوادي بالمئات يأتي شهيد ويتبعه شهيد آخر..

شهيد يسقط مضرجا بدمائه ، يسعفه شهيد لاحق..

شهيد يغادر ميدان المعركة ويحل محله  مقاتلا آخر فيكون الشهيد اللاحق..

 

كوادر الوادي شقوا طريقهم في الصخر علما ومعرفة وثبوا إلى كل محفل علمي لم يمنعهم البعد ووعورة الطريق..

كانوا في سبعينات القرن العشرين يدرسون في مدرسة النصر حسي حتى الصف الثالث ابتدائي قبل أن تتوسع الى الصف السادس..

لم يمنعهم بعد الطريق ووعورتها عن متابعة الدراسة فسالوا في الوادي كالماء الجارف وواصلوا دراستهم في مدرسة الموكات اسفل الوادي حتى الصف السادس..

 

لا هذا قليل قالوا لن نكتفي بهذا المستوى فسالوا ماء جارفا ليكملوا الإعدادية في مدرسة المزاحمي حبيل جبر على بعد ثمانية عشر كيلومترا..

تخيلوا هذه المسافة البعيدة يبكرون فجرا من منازلهم يتناولون طعاما طُهي في المساء يسيرون بأرجلهم لم يمنعهم البعد والجوع عن التحصيل العلمي وعند عودتهم كان أصحاب السيارات يتكرمون بعودتهم مجانا واذا لم يجدوا سيارة يعودون مشيا على الأقدام ..

إنه العزم والتصميم..

وعندما أكملوا الإعدادية زاد عطشهم لمستويات عليا فسالوا كالماء الجارف للدارسة في ثانوية لبوزة في الحبيلين وكانت الدولة في ذلك الوقت توفر السكن والمأكل للطلاب البعيدين ..

ثم سالوا كالماء الجارف للدراسات الجامعية في عدن وفي الخارج وتخصصوا مختلف التخصصات في الطب والهندسة والحقوق ودخلوا الكليات العسكرية ودرسوا خارج الوطن فأضحى للوادي كوادر عظيمة تسد عين الشمس..

ثم.صاروا في مقدمة المقاتلين للذود عن حياض الوطن ورفعوا الرايات في النضال السلمي وصاروا قادة النضال السلمي ومهندسي الإضرابات والإعتصامات مع إخوانهم من الضالع وابين وعدن وشبوة ويافع وحضرموت الذين أحالوا حياة المحتل ألى جحيم ونار وسعير..

 

لم يمنوا على أحدا هم الحاضرون وقت الشدائد المنسيون وقت الرخاء..

انتشرت المدارس في كل مناطق الجنوب وآخر مدرسة تصل إلى الوادي ولم يقولوا لا بل قالوا فداك ياجنوبنا الغالي..

 

وصلت الطرقات إلى  كل مكان ومازال الوادي بدون طريق ولم يقولوا لا لن نقاتل لن نناضل لم يكونوا أنانيين بل قالوا فداك ياجنوب سنقدم أرواحنا ضريبة له لن نقول لماذا اهملونا؟..

لن نقول نحن قاعدون اذهبوا ومشاريعكم فقاتلوا بل قالوا سنثبت بدون طريق ولا مستوصف..

سنثبت رغم الإهمال سنثبت ونثبت ونثبت حتى يعلمون أننا أقوياء بمبادئنا وأخلاقنا ..

لن نكون أنانيين بل سنقول لهم رغم كل الحسرة والحياة القاسية أذهبوا فنحن معكم في الصفوف الأولى مقاتلون وكوادر ومثقفون..

 

ذلك وادي حسي منبع الفخر والكبرياء الذي شرفني منذ وجد فيه جدي وأبي ..

ذلك الوادي العظيم مسقط رأسي وفخري الذي مازلت أحمله في ثنايا صدري وأراه بعيني كالجبل الشامخ ودنه  الذي يحتضن الوادي من أعلاه..