في جديد ملف التسوية، نحن أمام نصف إنفراجة نصف أزمة، وأمام إنتهازية حوثية فظة، وإندفاع سعودي جاد ومحموم لإغلاق ملف وجوده في اليمن، وإصراره على الخروج الآمن.
نصف الإنفراجة: إعتقاد الرياض والمجتمع الخليجي أن توافقاً قد حدث، وترضيات تمت وتسويات قد جرت مع الحوثي، بتضحيات على رأسها القضية الجنوبية وفق إشتراطات الحوثي.
ونصف أزمة: أن الحوثي ينسحب من الإتفاق بتصريحات مستوياته الإعلامية السياسية، وكأنه لم يكن مركز كل الحوارات طوال سنوات، وأن منصة مسقط حيث يقيم وفده، لم تكن هي الأُخرى محج كل الوفود الدوليين وزوار عواصم القرار، وإن خارطة الطريق هي منتج حوثي أكثر منه منتج لجميع أطراف الصراع المحليين.
الحوثي يستعجل ترسيمه حاكماً أوحداً، يلغي الشرعية ويرفض الإطار الجنوبي، يتنصل و يوسع المسافة بين ماتبقى من أمتار قليلة لمهر التوقيع، قبل الإحتفال البروتوكولي الأممي بلحظة البدء بوضع آليات تنفيذ بنود الإتفاق.
السعودية من الصعب أن تقرأ موقفها الرسمي الغاضب من الإستدارة الحوثية إلى الخلف، فهي تعتمد إدارة الأزمة عبر القنوات الخلفية، ولكن إطلالة على صحافتها تدرك حجم الإنزعاج حد الصدمة، من جماعة تمتهن فجاجة التنصل من إلتزامتها، تقلب الطاولة وتعيد الجميع إلى المربع صفر تفاوض، وربما صفر توقيت مواجهة.
نائب رئيس صحيفة عكاظ، يصف الحوثي بما معناه ككيان يحاول أن يكون شبيه حزب الله في اليمن، ويحذر من إحتكاره السلاح والسلطة ورفض التسوية، وهو موقف سعودي كاشف بأن عقداً جديدة قد وُضِعت في دواليب الحل، وأن قائمة مطالب حوثية غير معلن عنها، مغطاة بصخب الدفاع عن فلسطين وغزة، والدور القومي وكل هذا الهذيان الخطابي، مطالب على الرياض الرضوخ لها ثمناً لتوقيع قد لايعني شيئاً ، لجماعة لن تسلم السلاح ولن تقدم تضحيات أو حتى قليل تنازلات ، كي تمضي قاطرة الحل في سكتها بسلاسة إلى الأمام، جماعة تأخذ كل شيء ولاتعطي شيئاً.
مشكل السعودية بعد تخليها عن شركاء الحل المتوازن أو إضعافهم، ووضع كل البيض في سلة وحجر الحوثي ، باتت الآن على خط تماس أمني سياسي مع بندقية إيرانية وحزب الله يمني، يضع مصالحها في مرمى نيرانه متى أراد وحيثما شاء.