في معركة شد الحبل بالجنوب لتحقيق اكبر قدر من التنازلات فإنه على قدر زيادة السخط الشعبي في قاعدة الانتقالي من سوء أداء قياداته في الوزارات والمؤسسات المتواجدين فيها... بالقدر نفسه يزداد السخط الشعبي وبدرجة اكبر على قيادة التحالف العربي من تصنع العجز لديها في حل ملف الكهرباء مثلا في مدينة واحدة عدن.
1) لايمكن أن تكسب هذه السياسة على المدى المتوسط اي نجاح بخلق حاضنة شعبية صديقة لمن يتبناها، ولم يكن المجلس الانتقالي الا نتيجة سياسية لقضية وطنية تشكلت منذ حرب ١٩٩٤ مالكها الحقيقي الارادة الشعبية واذا ما تعثر او نكص الانتقالي عن حسن القيادة السياسية لاي سبب ذاتي (سوء الاداء القيادي حيثما وجد في دولة المحاصصة والمناصفة وهو مايحصل الان) او لأسباب موضوعية بفعل اطراف خارجية. فأن عدالة القضية الجنوبية فيها كل مقومات الاستمرار وسوف يصنع الشعب القيادة المناسبة للمراحل القادمة.
2) لقد اجتهد نظام عفاش (سلطة واحزاب معارضة) منذ عام ٢٠٠٩ في محاولة تفكيك الحراك الجنوبي السلمي من خلال سياسة التفريخ التنظيمي للحراك ومع ذلك بقى الحراك الجنوبي كقضية وطنية صامدا رغم تعدد روؤس التمثيل السياسي وعندما توفر الظرف الموضوعي المناسب في حرب 2015 انطلق الجميع جنوبا ببندقية واحدة لاتجاه واحد لتحرير الارض وكان قيام المجلس الانتقالي الجنوبي في ٢٠١٧ نهاية لهذا التفريخ السياسي ولم تفلح بعده اي مكونات سياسية جديدة في كسب الشارع.
3) لذلك ذهبت الاطراف المعنية بتعطيل مسار القضية الجنوبية الى محاولة التفكيك الجغرافي للجنوب من خلال تشجيع قيام المجالس والتنظيمات على مستوى المحافظات والقبائل تحت يافطة التنظيم والترابط الاجتماعي كل محافظة او قبيلة على حده.
4) وعلى قدر ما في هذا النشاط من وجاهة ظاهرية اقنعت الكثير بحسن نية بتفضيل النشاط فيها على حساب تفضيل العمل الوطني الجامع لكل تراب الجنوب.. على قدر ما يخفى هذا السيناريو عند الجهات المتبنية له الى إعادة حركة التاريخ بالجنوب الي ماقبل عام ١٩٦٧ وتحويله لجزر سياسية ومجتمعات محلية ليس بينها اي تفاهم او تنسيق وهي مادة شهية لمسار منطقي قادم من الصراع بين هذه السلطنات والمشايخ كصفة دائمة لعقود قادمة.
5) نحن مجتمع فقير تنمويا وفي آخر سلم الترتيب العالمي للتنمية وانعدام التنمية والفقر هي اسباب كافية لاستمرار الصراعات الداخلية لعقود وعقود، وإذا هناك أي انجاز تاريخي لدولة الجنوب بعد الاستقلال ١٩٦٧ هو جمع ٢٣ سلطنة ومشيخة في دولة واحدة ، وهذا وفر الأرضية المناسبة لتكامل هذه المجتمعات المحلية وقيام مشروع تنموي وطني يشمل الجميع ويخلق التطور والاستقرار المطلوبين،
الا ان الهوس الايديولوجي والذهاب بعيدا في أحلام قومية وأممية على حساب انجاز المشروع الوطني قد أضاع هذه الفرصة لدولة الجنوب.
6) اعتبارا من التجربة السابقة، اليوم لايمكن لاي محافظة جنوبية او قبيلة ان تنجح في خلق كيان سياسي مستقر لها اذا لم تكن المحافظات المجاورة تنعم بنفس النجاح والاستقرار،
وكلما ضعف العمق الاستراتيجي لاي كيان من دولة الي مجرد مكون محافظة كلما قلت فرص نجاح هذا الكيان ومقاومته لتحديات الواقع المحيط.. اقول هذا الكلام واذكر مرة أخرى انه مازال الجميع فقير وعريان تنمويا وهذا كافي لتوصيف هشاشة اي كيان صغير يسعى للظهور منفردا.
7) الخلاصة : على كل عاقل مستقل الرأي ان يدرك ان محاولة التفريخ الجغرافي لاتمتلك اي شرط من شروط الاستمرار ولن تلبي طموح الناس على المدى المتوسط في هذه المحافظة او تلك وسوف يحفز ضعف التنمية والفقر القائم على زيادة التزاحم الداخلي في إطار نفس المحافظة حول من يأخذ الحصة الاكبر في سلطة المحافظة وستذهب الناس في كل محافظة لعملية إعادة فرز داخلي وتذكر ابسط الخلافات والشروخ الاجتماعية القديمة وبالتالي الذهاب لدوامات صراع داخلي... سوف توصل المواطن الي قناعة من عدم جدوى التنازل على الجامع الوطني لمصلحة مشاريع سياسية اخرى.
*- #م مسعود احمد_زين