نقول أن المغيب عند الغياب معيب، ولكن لا عيب عندما نكون بالوطن غرباء، وعندما نمنع نحن من الدخول ويسمح لمن لا له جذور بالدخول بكل يسر وترحاب.. قل الحياء وزاد التوسل والاستجداء، وغطى الصديق وجهه بعدما تسلق المنارة عاليا ولكنه نسى الآذان وتحزم بالخطابة الرعناء، ومن الغرابة كيف استطاع الاستعلاء؟ وشعب لم يكن يوما يفكر بالصعود؟! فمن يدلي بالجواب؟!
تفرخ المكونات بدون مقدمات بالمحافظات الجنوبية كما يطلق عليها بالمحافظات المحررة.. ومكونات تحت مسميات مركبة ومتشابهة المعنى، ومن وراء الحدود تجتمع الرؤوس ويشهر المكون بالبيان الختامي ويرفع العلم بأركان الخيم حيث ما تسري به الرياح يكون. ويعطى لها المعيار.
لكن من الغرابة أن لا تجد وليدا أو فرخا حديث الولادة بمواقع الغير المحررة ولا باليمن العربية بشقيه، فمن وراء تشرذم المتشرذم؟ إلا أننا لم نجد جوابا شافيا لهذا السؤال أيضا برغم تضارب الآراء والاتجاهات، ولذا نجد من تفريخ تلك المكونات الكثير من الغموض، على رغم التباين والاختلاف في الرأي وكيفية اسلوب المعالجات، إلا انها محاولات تدور حول امور معينة بالذات تشير كلها الى دخول عناصر مثل الانسلاخ عن قضية الوطن والعزلة أو الانعزال، والعجز عن التلاؤم، والاخفاق في التكيف مع الاوضاع السائدة في الوطن، واللامبالاة، وعدم الشعور بالإنتماء وانعدام الشعور بمغزى الحياة غير الثراء السريع ولا يهم مصدره من من!
وهنا يطرح السؤال بقوة: لمصلحة من تلك المكونات في ظل وطن يبحث عن مخرج من مأزق أكذوبة الوحدة؟ وممن يتم التمويل؟ وعلى حساب من؟ وما مصلحة تأرجح الوجوه من حين لحين؟ فهل للتقلبات صبغات للتمويه لاجل أطماع لشئ ما أم انها تعليمات لشئ آخر؟!
إننا اليوم كما يتراءى لنا نتيجة الوحدة الغير متكافئة نخضع لكثير من عوامل التغير والتحول السريعين، ومايترتب على ذلك كله من تصدع في الابنية الاجتماعية والثقافية التقليدية وتهدم في المعايير والقيم التي تحكم سلوك الناس وتصرفاتهم.
أمام هذه الاوضاع ومفاجآتها تظل بقية فئات الشعب وهي الغالبة، غرباء الوطن امام تحولات متسارعة ومباغتة ولا ندري متى تنتهي؟ فلمن يتبع الشعب إذن؟! لكن ولاءه لله ثم للوطن لا يتبدل ولا يتقلب لان جذوره ثابتة بالارض رسوخ الجبال فيها.
في ظل هذا الاغتراب المفروض، وتعدد المكونات والانتماءات، حزبية كانت ام قبلية، طبقية أم مذهبية، فماذا يراد من كل هذا؟! وشعب على حافة الخطر..انه بحاجة الى الاصطفاف اكثر من ذي قبل.. داهمته الأقوام بفكرها وثقافتها لاجل غايات لها وهي غريبة عنا.، مستغلة بذلك الظروف الاستثنائيّة المفروضة..
إنهيار معيشي متسارع الصعود.. فهل المراد تعطيل المصالح على ان يبقى الموظفون باحثين عن اقواتهم لتبقى مرافق الدولة فارغة لتتحول الى مراكز للمكونات في نهاية الامر؟كون الموظفون محدودي الدخل ونعني بالموظفين ذات الاجور المتدنية جدا وهي مرافق معروفة وهؤلاء بالذات سيكونوا عاجزين تماما لمتطلبات أسرهم فوق الذي هم عاجزون فيه.
أليس ذلك غريبا إن وصل الأمر أو الحال الى هذا؟! وعليك أن تتصور ولا تستبعد المستحيل في تصورك.. ولكن الوضع لا يبشر بالخير إن أستمرت الحالة الى مانحن فيه، ولا نفكر بقيمة السيادة الوطنية واستعادة الدولة الذي يتطلب من الجميع التكاتف، حفظا للثروة البشرية والطبيعية.
إن التفريخ في هذه المرحلة المفصلية بعدما وصلت القضية الجنوبية بأحقية الحصول على الاستقلال وعودة الطرفين الى حدود ماقبل الوحدة هو الحل الامثل لأمن واستقرار المنطقة، فإن هذا التفريخ ما هو إلا مجرد إضافات من عند أنفسهم للمغالطة والإقذاع في الأسلوب والمهاترة بالقول، وليس من دواء لحل هذا الانسلاخ سوى ان يتذكر هؤلاء الأقوام بأن آراءهم أو بالأصح آراء من أجمعهم عليه، فليست هي التي توجد الحقيقة وتسبكها، وإنما الحقيقة أمر جوهري موجود قبل أن توجد ذواتهم، وقبل أن تتفتح عقولهم وآراؤهم، ومن هنا كان واجبا علينا أن نتخذ من عقولنا سرجا تضئ لنا الطريق الى استعادة الدولة ودحر للأعداء ولقوى الاحتلال ومن يسير على خطاهم لاجل جاه كاذب وثراء مؤقت.. مهما يكون لأجل حماية الارض والدفاع عن الوطن والسير نحو البناء لصيانة الأجيال، ولكرامة الإنسان.
هكذا الذي ينبغي أن نسير عليه، وإلا فما أعظم بلية شعب الجنوب العربي بالحقيقة التي تتكون من لسان العصبية أو السخرية والمهاترة.
ترى ماقيمة الكرامة الانسانية والسيادة الوطنية لدى تلك المكونات حديثة الولادة التي أسكرتهم الإغراءات المادية فراح يتخذ من نفسه مناضلا أو محاميا عن أطماعه وأهوائه وأخذ يكذب منطق الفطرة ليصدق لغو الأهواء الرعناء، وهو يعلم هذا ويسره في أعماق نفسه لاستعادة الدولة؟
هذه أسئلة، أتمنى لو أن كاتبا من هؤلاء المرتزقة الذين يمتهنون الكتابة الصحفية المحترفة يجيب عليها.. ولكن بأسلوب موضعيّ متجرد ! ٠٠
إن الوحدة قامت على أيدي من فرش تحت قدميه جميع أهوائه ونوازعه الشهوانية، كي لا يثور ضبابها أمامه، فتحجب الحقيقة عن عينيه، ولذا كانت كارثة على الجميع.. وهذا ما نعانيه، ولا فكاك إلا بالعصيان من المهرة الى باب المندب للحفاظ على ماتم بنائه ولانقاذ الاجيال حاضرها ومستقبلها، ولاستعادة الدولة.
*- سعيد أحمد بن اسحاق