البيض والملامات المريرة!

2022-12-16 01:53

 

إستجرار الاحزان

قبل ايام وصلني فديو يتحدث عن الرئيس السابق علي سالم البيض . ولقد كان المتحدث قد ركز في حديثه عن شخصية البيض ، وكيف انه لم يتريث ويستشير ويحاور ، قبل التوقيع على الوحدة الاندماجية ، التي اصابت الجنوب بل والشمال بمقتل ، نتيجة ما آلت اليه الاحداث من تطورات مؤلمة اعادتنا الى سنواتنا العجاف .

 

والحقيقة فان هناك من يقبل ان نستعيد الذاكرة بهدف التنبيه من وقوعنا في الكوارث مرة اخرى وتجنبها مستقبلا ، لكننا وطالما اننا نعيش المحنة ونحن جميعا نسطلي بأوراها ، بل ونستجمع رشدنا وتضامننا اليوم  لتجاوزها ، فمن الحكمة ان لا نتذكر ماضينا الاليم واخطاء قياداتنا الجنوبية ، فلن تفيد الاليم تذكر الألام ، على ان النسيان شكل من اشكال الحرية .

 

فاليوم نحن جميعا نعمل معا لتصحيح الخطأ التاريخي الذي وقعت به قيادة الجنوب ، والذي كلفنا الكثير من الجراحات والنزيف بل والفواجع  ، وعلينا الحرص ان في ان نهيل النسيان على بواعث الاحزان ما استطعنا الى ذلك سبيلا . ومن التعقل ان لا نتخاصم او حتى نتلاوم بل واذا ( تعاتبنا ) فلتكن معاتباتنا غير منشورة على الهواء لكل محب وشامت .

 

ومثلي في ذلك الصين الشعبية التي ثارت على النهج (الماوي) الدموي ، والذي اوغل تنكيلا بالشعب الصيني خصوصا اثناء الثورة الثقافية ، حيث تم اعتقال كل الفنانين والمفكرين والكتاب وايداعهم معسكرات التثقيف ومنهم من تم التخلص منهم  فكانت الحالقة .

 

تسببت تلك الثورة الثقافية بنكبات على الصين، ولكن سرعان من اتى الزعيم المجدد ( دينج هيشاو بينج )  ١٩٧٤م . فالغى تلك الحماسات العدمية ، واعاد الى الصين هدأتها وتوازنها  وسلامها ، وقرر التغيير  الملهم عبر ثورة الانفتاح الاقتصادي ، وهي بشهادة كل العالم اعظم ثورة  حققت للصين كل المنجزات بدون اي كلفة من دماءٍ ودموع  .

 

ومن اعظم منجزات  الزعيم ( دينج هيشاو بينج ) انه التزم بالنهج ، مع استلهام المتغيرات واهمية الانفتاح على الغرب ، ورغم محاكمة زوجة ماوتسي تونج مع ثلاثة من القادة وتنفيذ حكم الاعدام بهم ، الا ان القيادة الصينية  ابقت على هيبة ووقار الزعيم (؟ماو تسي تونج ) وابقت على صورة الزعيم ماو على عملتهم اليوان ، بل ولم تنزع صورته التي تشاهد في ساحة تيانن من اي ( السلام السماوي ) ولكن ومع الاسف فهذا ما وقعت به روسيا الاتحادية مع الزعيم التاريخي لينين .

 

هذا الامر  وقع في كوبا فبرغم تشدد  الزعيم فيدل كاسترو  ورفضه اعتناق تجربة الصين وفيتنام ، فقد قررت كوبا ، ان لا تمس ( كاسترو )  باي لوم او تشوه من سيرته بالرغم من ان كاسترو  ابى ان ينهج سياسة الانفتاح الاقتصادي بعد نصيحة القيادات الصينية والفيتنامية ولا زالت كوبا تعاني مرارات رفض الانفتاح الاقتصادي  بكل عنت وغرور مع انها ترى وترقب ما احدثته ثورة الانفتاح الاقتصادي في الصين

من عجائب بل معجزات اقتصادية .

 

اذن علينا ان نتجنب بث الملامات المريرة لقيادات اخطأت ، طالما ونحن اليوم نضمد جراحاتنا النازفة ، حيث واستجرار الاحزان تزجنا في كراهات وشحناء تعكر علينا صفو مودتنا وتضامننا ولحمتنا  .

 

على ان العاقل هو من يتناسى ، ما وقعنا به من اخطاء ويخفي المأساة ويتحدث عن الايجابيات بل والبشارات التي نحن اليوم ننسجها ، رغم كل بواعث الالام التي مررنا بها ولا زلنا ،وعلينا ان  نوجد العذر لمن اخطأ حيث واننا جميعا قيادة وشعبا استبشرنا بالوحدة ولا نلام فتلك سجايانا واخلاقنا وقيمنا الاصيلة  .

*- فاروق المفلحي