المجلس الرئاسي لم يوصِّف مايجري في شبوة كإنقلاب على الشرعية، من مؤسسة ينبغي لها أن تكون خارج صراعات السياسة والإصطفافات الحزبية، وهي مؤسسة الأمن والقوات المسلحة.
ما لم تتم أدانة ما يحدث وتُفتح ملف قضية خيانة وطنية ، فإن المناطق المحررة مفتوحة على أسوأ الإحتمالات ،وهي محاولة فرض فصيل سياسي ديني نفسه بالقوة، في رأس هرم السلطة المحلية المدنية في أكثر من منطقة في جغرافية الشرعية.
لا يبدو أن الرئاسي يستشعر خطر ما يحدث على وجوده ككيان حاكم، ومرجعية وحيدة في رسم السياسات وإتخاذ القرارات ، حيث سيحل التشكيل العسكري في مثل هكذا حال محل قرارات التوافق، وستصبح سلطة التنظيم الحزبي هي مصدر السلطات والمرجعية الحاكمة.
ما يحدث لا يحتاج إلى صيغة الحلول الوسط، لأنها بمفاعيلها خرجت من مسمى السياسة إلى العمل العسكري المُدان بنص القانون وبحيثيات المخاطر والمصالح الوطنية العليا.
شبوة كشفت أن الرئاسي يعمل بذات منهجية الإصلاح، أي محاولة الحديث بلغات متعددة ،ونسج صيغ تسويات تخاطب أمزجة وحسابات كل الأطراف، مثل هكذا توجه خطر في المدى المنظور والمتوسط والبعيد ، وسيقود حتماً إلى تلاشي في الوعي العام فكر الدولة وإن بوضعها المتعب ، وإحلال فرض الدويلات والكيانات الحزبية بقوة السلاح وتأسيس كانتونات العنف البيني وسلطات الأمر الواقع .
مايحدث في شبوة إلى جانب هشاشة موقف الرئاسي، إزاء وقف التداعيات وإصدار التوجيهات الصارمة بردع التمرد ، فأنه يدفع إلى الواجهة ماكانت تمثله الإصطفافات الخفية من تخادم صامت ، وتثبت من خلال مكينات إعلام الإصلاح والحوثي وقوى أُخرى، أن هدف الطرفان الدينيان يلتقيان على قاعدة واحدة، إضعاف المنظومة الحاكمة بمباركة مزيد من التشظيات والحروب الصغيرة ، تمهيداً لتحقيق هدف كلاهما، الحوثي للتمدد نحو ماتبقى من الشمال ، والإصلاح لإكتساب مساحة أرض وسلطة نفوذ في الجنوب ،في سياق البحث عن نقطة وفاق وتقاسم للسلطة في أقرب لحظة سياسية مؤاتية .
لن نفرض ما يجب على الرئاسي قوله ، ولكن مسؤولياته الدستورية تفرض عليه أن يدين الإنقلاب ،أن يسميه بإسمه أن يوقف ضخ القوات المحسوبة على الأصلاح إلى شبوة ، أن يصفي سلطات المليشيات بالإبعاد ، وإعادة تنظيم الألوية والوحدات والمحاور ،على قاعدة بناء جيش وطني مهني محترف ، إن يحاكم الرؤوس المدبرة والمحرضة ،وأن يقيل وزير الداخلية كإجراء فوري دون الحاجة للإنتظار لحركة تنقلات حكومية روتينية مقبلة.
خطر شبوة يجعل الجميع أمام خيارين:
سلطة شرعية أم سلطة مليشيات دينية مسلحة ، وبينهما لا يجوز أن يمسك الرئاسي العصا من المنتصف حيث لا توجد تسمية ثالثة .
خالد سلمان