تسقط الشعارات واحداً تلو الآخر وتتقزم المطالب، ويغدو الوطن مجرد زقاق وصراع حياة أو موت حول طريق ترابية أم مسفلتة، ممر فرعي أم أكبر منه بكم متر، يستوعب السيارات بدلاً عن البغال والحمير.
استعادة صنعاء لم يعد هدفاً.. وإسقاط الانقلاب توارى خجلاً، من رأس روزنامة السلطة الشرعية، إلى ظلال العتمة والغياب.
كسر جموح الحوثي وترويض صلفه، بإضعافه في ساحات المواجهة، تخفى خلف شعارات السلام بأي ثمن، فيما الواقع أن سلامية هذا الطرح يخفي عجزاً يفوق الفجيعة، وانكماشاً يصل حد الفضيحة في معسكر كل من فيه أمراء حرب شيوخ فيد وتجار سلاح.
اثنان على مسرح الصراع أحدهما يتقدم وآخر يشجب، أحدهما يقتل وآخر يلطم، أحدهما يحشد والآخر يستنجد بشرعة الأمم.
ذات أدوات الهزيمة ما زالت جاثمة على صدر قيادة الجبهات، وذات خطاب الزار السياسي يتحدث بلغة الفراغ، خارج الإنجاز وفي خصومة مع الشعب من الراتب والخدمات وحتى الصمت عن نصر الخنادق.
على ماذا يراهن العهد (الجديد) وأنابيب الموت السريري تغذي جثة الجيش بالتنفس الصناعي، والحلول الملغومة بالفشل تتسلح بالنفس الطويل والتثاؤب، وكأن ثماني سنوات في وطن الجمر لا تكفي، للخروج من حالة المراوحة إلى نقطة الحسم. مرة ثانية، صنعاء سقطت من الأجندة، استعادة المدن رهانات خاسرة.
الجنوب مقابل الشمال ينضج على حمى مواجهة مسكوت عنها، ولكنها شديدة الاحتمال.
مد سلطة الفشل بشرايين إضافية عبر التجنيد في تعز وغيرها، لقمع التململ الاجتماعي والتوظيف السياسي لهذه القوات، في معارك بينية قادمة. اليمن الكبير شعار فضفاض قابل للعمليات الحسابية أو بالأصح عملية الطرح والشطب والاختزال، اختزال المعركة ومقايضة كل الجغرافيا، بتسول شارع بلا قناص في مدن الموت اليومي والجوع المباح.
اثنانهما يلتقيان على قاعدة غياب الغطاء الأخلاقي: الحوثي بهمجيته ودمويته الماضوية المؤسطرة، والشرعية ببيع كل الشمال، والبحث جنوباً عن معركة موازية ونصف وطن بديل.