الدمج.. العقدة المستعصية على الحل

2022-05-26 10:39

 

عندما أصر تيار البيض على الوحدة الاندماجية عام 90 (كما يقول رفاقهم) لم يكن في حسبانهم ان دمج 2.5 مليون نسمة في 30 مليون سيكون بمثابة ذوبان ملعقة ملح في بحيرة!

وهكذا كان فقد سالت جبال ووديان وهضاب وصحاري الشمال على الجنوب حتى كاد ان يختفي شعب بأكمله! بمعادلة رياضية 2.5 : 30 ونتج عن ذلك حرب 94 واحتلال الجنوب .

 

وبعد تشكيل مجلس القيادة الرئاسي شدد على تنفيذ اتفاق الرياض الذي تم ترحيله منذ توقيعه وحتى اليوم، هذا الاتفاق ينص في بنده العسكري على دمج القوات العسكرية التابعة للإنتقالي ضمن الجيش والأمن اليمني ونقل قوات الجيش من حضرموت وابين لمواجهة الحوثي.

ومما لاشك فيه ان تجربة عام 90 في الاندماج، وتشتيت القوات المسلحة الجنوبية ونقلها إلى مناطق مختلفة من الشمال كان سبب الهزيمة واحتلال الجنوب في عام 94. كانت هذه تجربة مريرة لا أعتقد أن الإنتقالي سيكررها اذا كان فعلاً يسعى إلى فك الارتباط مع الشمال.

والحقيقة ان المرء يستغرب كيف قبلوا بهذه الفقرة التي يعتبر تنفيذها نهاية وموت فكرة فك الارتباط كما يقولون او (استعادة استقلال الجنوب كما نسميه).

ستظل هذه الجزئية من اتفاق الرياض مستعصية عن الحل طالما وأنه لا زال من يرفع شعار (الوحدة أو الموت). ولا أعتقد أن عاقل يقبل بأن يتخلا عن سلاحة في ظرف خطير وأمام خصم يجيد المخاتلة والغدر.

لذلك فإن مطالبة رئيس مجلس القيادة "العليمي" بتنفيذ الشق العسكري من الاتفاق يعني القضاء على ماتبقى من قوة بيد الجنوبيين لتكريس احتلال الجنوب مع بقاء الشمال تحت حكم الحوثي! اي انهم يسعون لان يكون الجنوب وطن بديل للمطرودين والنازحين من الشمال وهذا وضع غير مقبول جنوباً لا من الشعب ولا من القيادات.

الواجب على الجنوبيين مساعدة أبناء الشمال على استعادة جمهوريتهم ودولتهم وعاصمتهم "صنعاء"  وهكذا تبدأ صفحة جديدة في علاقات الجنوب مع الشمال، إما أن تنطلي الخدعة على قيادة الإنتقالي ويقبلون بسحب قوتهم ودمجها ضمن أجهزة السلطة اليمنية العسكرية فهذا انتحار لن تقوم لهم بعده قائمة.

كان الأولى بالعليمي ان يصدر أمرا بتحريك ألوية الجيش في حضرموت الوادي وابين فوراً ودون تأخير إلى جبهات القتال بصفته القائد العام، وإذا تم تنفيذ هذا الأمر من الممكن مناقشة كيفية وتحديد أماكن التواجد للقوات الجنوبية في المحافظات ((المحررة)) اذا كانت القوات الشمالية في المقدمة ولديها النية الصادقة في مواجهة الحوثيين، رغم اني اشك في ذلك خاصة وأنهم يرون ان الجنوب يبتعد عنهم شيئاً فشيئاً ويعتقدون ان بقائهم في الجنوب يظمن لهم بقاء (الوحدة)! ولا احسب ان هذا الوضع سيستمر طويلا طالما وأن الأمور تسير إلى تفعيل المسار السياسي في المفاوضات مع الحوثي والتي يشدد عليها التحالف والمجتمع الدولي، لن يكون الجنوب وطن بديل قاتلوا الحوثي او وقعوا معه اتفاق سلام.. سيكون الجنوب لأهله والشمال لأهله مهما بعدت المسافات.

وللّه الأمر من قبل ومن بعد

 

عبدالله سعيد القروة

25 مايو 2022