لقد قرأت ان رئيس اوكرانيا زيلينسكي ورغم اظهاره لحالة التحدي فقد اجتمع مع القيادات من الجيش الاوكراني ليبلغهم ان لا طاقة لاوكرانيا في تحدي روسيا.
وضرب مثلا كما قيل في انه سبق في ربيع ( براغ ) ان اقتنعت القيادة التشيكوسلافية الى نهج التجديد والتخفيف من الولاء للاتحاد السوفيتي بقيادة
كان ذلك في ربيع عام ١٩٦٨م وكان الامين العام حينها ( الاجزاندر دوبتشيك ) فغامرت تشكوسلافاكيا في تحدي الاتحاد السوفيتي رغم انها بلد ينهج نفس السياسة بل وعضو في حلف وارسو، فافاقت العاصمة براغ صباحاً لترى ارتال الدبابات الروسية تزمجر في شوارعها اذعنت بعدها تشيكوسلافاكيا واستسلمت وسلمت مدنهم وقصورهم من الدمار وكان ذلك قرارا حكيما من قبل القيادة التشيكوسلافاكية . وتمنى عليهم رئيس اوكرانيا الجنوح الى السلم.
وعود على بدء فان رئيس اوكرانيا بعد ان تحدث للقادة العسكرين عن هذه الواقعة التي اطلق عليها (ربيع براغ) والح بطلب وقف الحرب قبل ان تقع الواقعة.
الا ان الرد من القادة العسكريين هو المضي قدما في المواجهة بل ووجه العسكر للرئيس الاوكراني بالكف عن هذا وإلا تعرض للاعتقال او التصفية .اذن العملية اكبر من ذلك واعمق .
وعودة الى ما عانته روسيا الاتحادية فلقد سؤل ( بوتين ) في احد المرات الرئيس هل ندم علي شيء فيما يتعلق ببلاده؟ فتنهد وقال ، لقد انسلخت عنا ١٤ جمهورية بمساحة خمسة مليون كيلو كل هذه المساحات ، مخضبة بدماء الابطال الروس. ولقد حافظت ودافعت وضحت عليها روسيا عبر تاريخها ثم اضاعتها بين عشية وضحاها. والحقيقة ان الانسلاخ لتلك الجمهوريات كان بدون اسباب او مبررات مقنعة، بل حملت في طياتها الوهن والضعف والهوان لروسيا ، واضاف ولقد فاتنا حتى ان نطلب من الجمهوريات المستقلة ، ابرام معاهدات بعدم الانضمام الى حلف يعادي روسيا الاتحادية . وعن (المُضيع) جورباتشوف فلم يكن سياسياً حصيفاً واضاع ارث القياصرة وامجادهم وفرط بوطنه وهيبته .
هناك من يقول ان روسيا وبعد الحرب العالمية شعرت بفداحة الحروب وقسوتها فنأت عن التدخلات العسكرية، وهنا اتقنت امريكا الدور وانتهزت الفرصة واستفردت بدول العالم ، بل وراينا فرنسا وهي تتدخل وتغير وتبدل في حكام افربقيا الوطنيين لاستلاب الخيرات والثروات. على ان امريكا تطبعت على الهيمنة والغطرسة ولن تغيب تلك الهيمنة الا برحيل الصقور عن المشهد السياسي، فلا زالت عقيدة (مونرو) تخلب البابهم وتعشعش في عقولهم فرسخت تلك العقيدة الهنجمات والتطاولات بل البطش.
وعنما اقدمت عليه روسيا الاتحادية في حربها في اوكرانيا فبجوهر هذه الحرب لجم التعاظم النازي وتحييد اوكرانيا، فلقد خطط بامعان وخبث ودهاء في ان تحاصر روسيا الاتحادية وتشغلها وتربكها بل والتضييق عليها لجعلها تتقوقع وتتوارى لتلعق جراحاتها النازفة ، بل وتنطوي عن المسرح العالمي بكل جبروتها وثقلها العسكري والتاريخي ، فيخلو الجو لامريكا بالانفراد بالصين والشرق الاوسط دون رادع او زاجر.
وبقصارى القول، فان امريكا شعب عظيم لكن بحكومات ادمنت الهنجمات والاستفزازات والسطوة .
هل ستلتفت امريكا الى مثالبها وتوحشاتها وتعيد النظر في رعونتها وسطوتها لا ريب في ذلك، ولكن حتى تعتنق امريكا هذه السياسة الرعناء، فان علينا ان نرى ماذا ستقوله الصين وروسيا في قادم الايام فهناك ما قبل حرب اوكرانيا وما بعدها .
ولقد جاء الرد اليوم من الصين في ان على الصين وامريكا ان يتعاونا في تسوية امور العالم، وفي يقيني ان الصين اليوم قاب قوسين او ادني من تحرير ارضهم اي جزيرة (فرموزا) ولن تهاب الصين.
فلقد رصدت ردود الفعل الامريكي والغربي فيما يتعلق باوكرانيا، فتبين لها ان الامور حسمت اليوم لصالح روسيا وان هيمنة امريكا على العالم لم تعد تقابل بالصمت، وان على امريكا وروسيا الاتحادية والصين بل والاتحاد الاوربي ادارة الشأن العالمي بعدل وانصاف حتى يغير الله امراً كان مفعولا.
فاروق المفلحي