ربما أن الكلمات وحدها لا تكفي للتعبير عن حزني على فقد المغفور له بإذن الله تعالى، القائد الوطني الكبير، المناضل الدكتور أحمد الخطيب، الذي لم تفقده الحركة الوطنية الكويتية والشعب الكويتي الشقيق فحسب، بقدر ما فقده الوطن العربي من الخليج إلى المحيط. حيث كان الراحل الكبير طوال أكثر من خمس وسبعين عاماً في قلب أحداثه وحركته التاريخية، بقلمه ونضاله وفكره وقلبه الذي لم يتوقف لحظة إلا مع توقفه عن الخفقان حيث توفي في الكويت عن عمر ناهز ال 95 عاماً في السادس من مارس الحالي.
من يعرف مثلنا في حركة القوميين العرب في اليمن وغير اليمن التي كان الخطيب من آبائها المؤسسين، ومن تابع مسيرته النضالية مثلنا، سيقف على تاريخ رجل لا وكل الرجال، وسيرة مكافح من أجل الحرية والديمقراطية وهب حياته لما آمن به ولم يتزعزع عنه قيد أنملة.
وقف مع ثورة 14 أكتوبر في الجنوب،
فقد تم تشكيل لجان مناصرة الثورة في الجنوب وتحت إشراف القائد أحمد الخطيب وبمشاركة جماهيرية من الشعب الكويتي الذي وقف مع الثورة حتى تحقق الاستقلال عام 1967م وبعد قيام الدولة في الجنوب وقفت معها الكويت شعباً وحكومةً وأميراً وقدموا كافة أشكال الدعم من مدارس ومستشفيات وطرقات ومطارات وقنوات الري وغيرها..
كما وقف القائد أحمد الخطيب الى جانب ثورة 26 سبتمبر في الشمال، ووقف قبلها مع ثورة الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي، وضد العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956م ومع ثورة 8 آذار في العراق، ومع نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني دون هوادة، ومع الوحدة العربية، وجعل من صحيفته (الطليعة) التي أسسها سنة 1962م صوتاً لثورة 14 أكتوبر في الجنوب ضد الاستعمار البريطاني ولكل حركة تحرر وطني في مشرق الوطن العربي ومغربه.
وقد التقيت مع الدكتور أحمد الخطيب في عدن أكثر من مرة في زياراته الرسمية والشخصية التضامنية في الجنوب، والتقيت معه أيضاً خلال زياراتي الى الكويت والعواصم العربية الأخرى وتربطنا علاقات تضامنية بحكم علاقاتنا التاريخية في حركة القوميين العرب. وكان الدكتور رحمه الله مفكراً وقائداً وطنياً من طراز نادر، رجل فكر وعمل ومشروع وطني قومي تقدمي، وكان يتمتع بالأناة وطول البال، ويؤمن أن المشاريع الكبرى من هذا النوع تحتاج إلى الصبر والتضحية وتوافر عوامل النضج لتصبح حقيقة في واقع صعب ومعقد لا ينفع معه حرق المراحل، أو تعسف الواقع. كان يدرك أن النضال من أجل الحرية والديمقراطية في الرمال العربية المتحركة يحتاج الى زمن طويل، لكن كل حبة رمل تزاح بمعول هي خطوة نحو بلوغ الهدف.
عاش الخطيب زمناً يكفي ليرى انتصارات شعبه العربي في أكثر من بلد، ورأى هزائم مريرة في أكثر من قطر عربي وبعضها كانت هزيمة للأمة كلها.. ناضل من أجل الديمقراطية في بلده الكويت وفاز في الانتخابات البرلمانية، وكان عضواً فاعلاً وأصيلاً في البرلمان الكويتي خلال أكثر من دورة، وفي الديمقراطية الكوتية، لايمكن تصوره وتصورها بدونه وما يمثله.
استطاع الدكتور أحمد الخطيب أن يولّد في الكويت ذلك البلد العربي الصغير في مساحته، الكبير في مواقفه ووقوفه مع القضايا العربية وتقديم العون لكل شعب عربي بدون منٍّ ولا أذى، لكن ليس المهم أيم يولد المرء، بل بما يقدمه ويجترحه خلال حياته. وقد قدم أحمد الخطيب الكثير لبلده ولكل الوطن العربي الكبير، فكبرت به الكويت وكبر بها.
خالص تعازينا لأسرة الفقيد الكبير أحمد الخطيب، ولكل أصدقاء ورفاق دربه، وللشعب الكويتي الشقيق..
سنفتقدك، ويفتقدك شعبنا في اليمن جنوباً وشمالاً، ويفتقدك وطنك العربي من المحيط إلى الخليج..