لن تتخلى حضرموت عن باب المندب لأجل عيون باب اليمن

2022-01-28 13:52

 

حضرموت كلمة تتكون من جزئين وهي كلمة حضرم وتعني كفعل لم يفصح في كلامه أو خلط شيئ ما والجزء الآخر وت وهو معنى لكلمة أرض في اللغة المهرية فمثلاً يقال سيحوت أي أرض سيح وبالتالي يكون معنى كلمة حضرموت أرض حضرم تقع هذه البلدة الطيبة كطيبة أهلها وساكنوها في جنوب الجزيرة العربية وتطل على بحر العرب وهي الأرض التي سكنها نبي الله هود وصالح وهي الأرض ذات العماد التي لا شبيه لها في البلاد إنها بلاد الأحقاف وأرض كندة بلاد امرؤ القيس وهي أصل العرب فحضرموت غنية بحضارتها وتاريخها لكن سنركز عن الحبيبة حضرموت أرض سعاد في الوضع الحالي

 

توجد حضرموت اليوم كما هي بقية محافظات الجنوب العربي قسرا في إطار دولة تسمى اليمن بعد أن دخلت الجنوب العربي بدولتها آنذاك والمسماة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في وحدة مع ما كانت تسمى الجمهورية العربية اليمنية باندماج تحت أسم اليمن بعد أن مرت بمراحل تاريخية عديدة حيث تحولت تلك الوحدة إلى لعنة على محافظات الجنوب بفضل الموقع الجغرافي الاستراتيجي التي تحتله والنظام الاشتراكي الذي حكمها وترك أراضيها وثرواتها عرضة لنهب والسرقة يتحكم بها قادة نظام ماكان يسمى العربية اليمنية هنا قاومت هذه المحافظات ببسالة، حيث كانت حضرموت آخر سقوطا بيد المحتل اليمني الغاشم.

 

بعد أن تمكن المحتل اليمني من أحكام سيطرته العسكرية على أرض الجنوب وجد أمامه ثروات كانت ملكا للدولة قام بنهبها وإعطائها لمتنفذين ومرتزقة الحرب الذين شاركوا معهم في 94 باحتلال الجنوب وكرس الاحتلال فعليا بممارسات كانت أبرزها أبعاد أبناء الجنوب من السلك العسكري ومنعهم من دخول الكليات العسكرية وتسريح الموظفين المدنيين والسياسيين والديبلوماسين والعسكرين وكثير من الوظائف المدنية قسم حضرموت الحبيبة إلى قطع لمتنفذين منها أرض يطلق عليها البرتقالة ومطار الريان وبعض الأماكن تمثل حقول نفطية بأسم متنفذين من نظام صنعاء وأذرعه.

 

 هذا الوضع لم يرض أبناء الجنوب فبدأت بالثوران فكانت حضرموت السباقة في التحرك والاعتراض.

 

كان المحتل يدرك تماما أنه راحل لا محالة ولكنه يريد أن يبقى ليشفط مابهذه البلد من ثروات ولو على حساب الإنسان المستوطن الذي يعيش في هذه الأرض مشاهد للنهب والفساد الحاصل وممارسات الاحتلال المتكرسة على الأرض فعمد إلى زرع المناطقية فكانت بدايته في أحداث يناير في 86 الدامية التي كانت من صنع نظام صنعاء حيث كان رئيسهم قد التقى قبل الأحداث بأسبوع بعلي ناصر محمد رئيس الجنوب حينها في تعز وخططوا معا للتخلص من مجموعة من السياسيين في عدن الذين لا يعجبهم تصرفات نظام صنعاء بعد أن اغتالوا الرئيس الحمدي وهكذا استمرت تصرفات نظام صنعاء بعد تعبئة الرأي الداخلي في العربية اليمنية بأن ما يفعلونه حلال لهم لأن الشعب في الجنوب خارجين عن الملة وحلال نهب مايملكون من ثروات ويرون بأن هذه الأرض تعود لهم وليس لشعب الجنوب.

 

بعد الاحتلال وبعد قيام الثورة الجنوبية أدرك نظام صنعاء بالخطر المحدق به وبأنه ثروات الجنوب ستذهب من ايديهم حيث يوهمون الشعب بأنه إذا استقل الجنوب فإنهم سيموتون جوعا فعمد إلى نشر الفتنة والطائفية والمناطقية واتبع العديد من الأساليب تمكن الجنوبيين من هضم بعضها، فكانت إحداها قضية عدن للعدنيين ونشر فتنة بين بعض المحافظات الجنوبية.

 

اليوم يؤسس لفتنة جديدة ليضعها امام مسيرة التحرر الجنوبية في الحبيبة حضرموت وهي دولة حضرموت بحدودها الصغيرة المحافظة حاليا بظهور من يتبنى دعوة قيام حضرموت ولاطن لايوجد لها انصار حقيقيون في الواقع ولأهمية الموضوع نحب أن نفصل فيه الآتي:

 

الوضع الحالي وضع ابن حضرموت في مفترق طرق أما أن يكون مع الجنوب أو أن يكون دولة لحالة أو أن يكون مع مخرجات صوار صنعاء الفاشل في دولة ماتسمى اليمن الاتحادية، لنفصل تلك الخيارات ونضعها أمام القارئ كالاتي:

 

أولاً قضية إقليم في يمن اتحادي: هذه القضية فشلت قبل أن تبدأ ولا يمكن تطبيقها أبداً لأن نظام صنعاء لن يقبل ذلك ولن يرضى أن يحرم نفسه من أي جزء ولو بسيط من خيرات حضرموت وبالتالي هذه الفكرة غير قابلة للتطبيق.

 

ثانيا: قضية الجنوب وهذه القضية لو تاملنا جيدا لوجدنا إن حضرموت هي المحور الأساسي فيها فهي كانت السباقة إلى الثورة الجنوبية وسقط على أثرها العديد من الشهداء حيث عانت حضرموت من هذا الاحتلال الغاشم كأكثر منطقة جنوبية مع الحبيبة عدن وكانا أكثر عرضة لممارسات تكريس الاحتلال. وكذلك لو تم الملاحظة على شيء آخر يتم تجاهله هو حضارم الجنوب والذين يعتبرون هم الأكثر سكانا في المناطق الجنوبية وكان انتشار الإنسان الحضرمي في شتى مناطق الجنوب لغرض تدريس علوم الدين ستجد قبائل العطاس والسقاف وباوزير وباعباد وال عباس والسادة والاشراف ومدارسهم الدينية المنتشرة تحت أسم الحوطة أو الرباط تتواجد في الضالع وردفان ويافع والصبيحة ولحج وعدن وأبين وشبوة والمهرة وبشكل كثيف فكانت الأرض أرضهم وبالتالي فإن الجنوب العربي اليوم هو فعلا حضرموت ولا يمكن أن يستغني عن شبر من الجنوب العربي

 

ثالثا: دولة حضرموت هذه القضية هي قضية مصطنعة من نظام صنعاء لإعاقة استقلال الجنوب واستعادة دولته فأبراز هذه القضية في هذه الوقت العصيب ما هو إلا لإعاقة تحرير الجنوب وإدخال الجنوب في صراعات جانبية هو في غناء عنها خصوصاً أغلب من يحملون هذا أفكر يضعون خيارين وهو أما أن تبقى حضرموت إقليم ضمن صنعاء أو إعلان دولة حضرموت وهذا بحد ذاته اجحاف بحق الحضارم الذين ناضلوا وثاروا لاستعادة دولتهم العربية التي احتلتها صنعاء.

 

لو فرضنا أن هؤلاء أصحاب فكر واستراتيجية تحمل بناء دولة حضرموت الحقيقة فلا يمكن الاستغناء عن المقومات الجغرافية والاستراتيجية لموقع باب المندب ومدينة عدن فلو كان أصحاب هذه الدعوة حضارم بجد لكانت حدود دولتهم تتضمن باب المندب وعدن لأنه هذه المواقع الاستراتيجية اليوم تتقاتل عليها الدول وكلا يحاول فرض سيطرة عليها. إذا إيها الأحمق لمن تتخلى عن هذه المناطق الاستراتيجية وأنت في يدك ضمها إليك والسيطرة عليها؟ علاوة على ذلك يتوق الجنوبيون لقيادات النخب الحضرمية ويضعون آملهم فيها لأن الحضرمي معروف بعمله وانضباطه وأمانته لأن التربية التي تربى عليها يغلبها الطابع الديني المتاسمح والمبدع.

 

من خلال ذلك لايمكن لحضرموت أن تنسلخ عن جنوبيتها ولا يقوم الجنوب إلا بحضرموت فحضرموت الجنوب والجنوب حضرموت.

*- غسان الجيلاني