"حلحلة المُتكلّس في وعينا الجنوبي"

2021-11-25 12:45

 

* تقتضي الضرورة تفتيت ركام ثقافة الأمس المتكلّسة في جدران ذاكرتنا ووعينا، ولأنّ الزّمن طوى مسافات فلكيّة بمقاييس اللحظة والعصر، وهي جَرفت أحداثاً وموروثاً وقوالب فكرٍ وممارسات.. إلخ، بل غيّرت عوالم من حولنا جِذرياً، حتى شكل العلاقات الإنسانية صبغتها بألوان طيف مُغاير لما عهدناه، لكن نحن ما انفكينا نلقي مرساتنا الثقيلة في نفس البقعة وأسلوب التّفكير والخطاب!

 

* نحنُ نستجرٌ الماضي بطريقة عرض المَلهاة التي تهزٌ الكوامن لكنها تدعو للبكاء، وهي مَلهاة أصلاً، كأن يقول أحدنا مثلاً: كان كيلو البطاطا ب ٣ شلن أيام الحزب، وكان وكان، نستعيدُ ذلك مصحوباً بزفرات الحسرة من دواخلنا على زمنٍ كان، مع أنّ مفردات ومعطيات وقائعه مُغايرة تماماً لما نحن فيه اللحظة، ولذلك لايخجل البعض من أن يبدي حُزنه على رحيل بريطانيا!

 

* يمكن أن يكون هذا مقبولا من عامّي، لكن يصدمك أن نفس المنطق لدى كثيرين، بما فيهم مؤثرون في محيطنا، ومن هؤلاء من يطالبك بالصّمت وأنت تبدي إعتراضا على هذا المنطق الأعرج ، أو أن يمارس المنافحة السخيفة بمنطقهِ الأرعن في جروبات وسائل التواصل ، وما أكثر هذا ، أو حتى يحظر عليك نشر رؤاك وإنتقاداتك الواقعية بهذا الصّدد ، أو أن تسرد نقدا موضوعياً غايته التقويم واصلاح الإعوجاج او النواقص ! هذا يُذكرني بحقبة السبعينات والثمانينات، وفيها ألّهنا الحزب والسلطة، وإعتبرناهما فوق كل نقد، وكان ما كان بحقّنا.

 

* شريحة كبيرة في مجتمعنا تتلذّذ حتى اللحظة بالتصنيفات المناطقية، وهم يزكون ذلك بالوعيد بالثأرات، والأدهى أنهم يغرسون هذا المنطق البغيض في أذهان الجيل الغض، هؤلاء لايتورّغون عن تصنيف هذا باليافعي وذلك بالبدوي والٱخر بالشبواني والضالعي والحضرمي وعرب ٤٨ والهندي والصومالي.. إلخ ! قراءة مقيتة للنسيج البشري الجنوبي ، خصوصاً للجنوبيين الذين يذودون عن جنوبنا ويستميتون لأجله وقضيته ، ولماذا يحدث مثل هذا ؟ لأنّ هؤلاء يشعرون بأنّ الجنوب مجرّد إقطاعية خاصة بهم وحدهم وحسب ، مع أنهم لم يصنعوا شيئاً البتّة في مسار تأريخ الجنوب وتطوره وثقافته وفنونه وعمرانه وتفرده سابقاً عن كل جزيرتنا العربية !

 

* كلٌ هؤلاء يتشّدقون برثاثة الإستقراء الذي يُدلل على دونيّة وتخلف الثقافة والوعي ، وايضاً الإرتهان الى منطق العصور السّحيقة التي غادرتها البشرية منذو أمدٍ ، ولذلك هذه الشعوب في الطليعة اليوم ، ويرفلون في نعيم التّعايش المتسامح والراقي سلوكاً ومعيشة و … و … ، ونحن ما انفكينا نطحنُ في بعضنا ، بل وبقسوةٍ ايضاً ، أليس كذلك ؟!

     علي ثابت القضيبي .

    الخيسه / البريقه / عدن .