ما أن تدلف إلى وادي حضرموت المحتل، حتى يخالجك شعور عارم بالإستفزاز، وأنك أمام أجواء 7 يوليو 1994 التي تطغي على كل شيء وبصورة مبالغ فيها.
يحاولون التعبير عن ما يسمى بالوحدة اليمنية بصورة مشوهة وناقصة ومن طرف واحد، هو المسيطر والمستأثر بكل شيء، ويفرضون على أبناء الجنوب هناك مفاهيم غير مقبولة ولم تعد موجودة حتى في عاصمتهم صنعاء.
في كل مكان تجد علم الإحتلال مرفوع، وعلى النقاط العسكرية يبالغون في رفعة، فيلفون به أعمدة الكهرباء والأحجار والأشجار وعلى الجبال، ويضيفون بجانب هذه الأعلام عبارة “لن ترى الدنيا على أرضي وصيا” وهي عبارة ناشطي الإخوان، كلمة حق أريد بها باطل.
كل المحال التجارية رافعة أعلام الإحتلال، فأستفزني هذا المشهد، فدلفت إلى كشك إتصالات تم إنشاءه وسط الشارع مخالف ويعيق مرور السيارات والبشر، ومن لهجة صاحب الكشك عرفت أنه من الحديدة، سلمت عليه وسألته لماذا ترفع علمين إثنين، واحد على الكشك من خارج والثاني من الداخل، هل هذا المحل "لطلبة الله ولا دكان للسياسة"؟.
أجابني صاحب الكشك أن يوم أمس كان عيد 26 سبتمبر “ذكرى ثورة الإشقاء”، وقد أرسلت قوات الإحتلال هناك لجنة عسكرية لمخالفة كل المحلات التي لم ترفع العلم بمبلغ عشرة آلاف ريال.
خلال فترة مكوثي ال 12 ساعة شعرت بشيء مخيف جداً، وهو أن الحضرمي “فص ملح ذاب وأختفى” في مجتمع أصبح اليمني الشمالي يشكل غالبية السكان.
في أكشاك الإتصالات شماليين، وفي المطاعم ذات الأسماء الحضرمية والعمال الذين يرتدون اللباس الجنوبي (الشال، والقميص، والمأزر) بينما جميعم من الشمال، في الفنادق وفي كل مكان لن تجد من تتعامل معك غير الشماليين.
تمنيت أن أجد حضرمياً واحداً، سواءاً عسكري في نقاط التفتيش أو في المحلات التجارية أو الفنادق أو بقية الخدمات، لكن مع الأسف كل من قابلتهم شماليين، الوضع مثير للقلق على السكان المحليون من أبناء الجنوب في حضرموت وعلى مستقبل حضرموت والجنوب.
مازال أمامنا الكثير من العمل لإنقاذ وادي حضرموت الذي يغرق بالنازحين ويكتوي بنار قوات الإحتلال، وأنه آن الآوان لأبناء حضرموت أن يكونوا أسياد على أرضهم وعلى ثرواتهم.