الواجب العام أن نحب بعضنا بعضاً ونبني بلادنا يداً بيد، لكن ما باليد حيلة،وهذه البلاد تبدو الآن لكأنها ميتة ينهش لحمها عشرات النسور.
هذه بلادنا،إن لم نحبها نحن فإن علينا ألَّا ننتظر من الآخرين أن يحبوها ويسعوا لحل مشاكلها. وهذا الحاصل لا يليق بنا كشعب له حضارة ومجد.
إننا- وللأسف الشديد- نعيش أسراباً موزعة على عديد جهات، كما لو أننا شعب دخل في "هكبة" ثم تفركشت وأفضى الأمر في الأخير لأن يتوزعونا كأي خراف في الحضيرة.
حصة من الشعب ذهبت مع الحوثيين وإيران، حصة ذهبت مع الإصلاحيين والسعودية، وحصة مع قطر وممثليها في اليمن، وحصة مع "محسن"، وحصة مع "صالح"، وحصة مع "حميد"، ولا يوجد في هذه البلاد من يمثلها- حالياً- غير فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي، وماذا بوسع هذا الرجل أن يفعل- وحيداً- في مواجه الضباع؟!
كم جهد رجال الأمن والشرطة يواجهون فوضى المشايخ المستقوين على الدولة بالسلاح؟ وكم جهد الجيش يواجه القاعدة ويواجه المتمردين المسلحين وندخل- على الدوام- في حروب خاسرة ومدمرة ولا نعرف متى ستتفرغ هذه البلاد للبناء؟!
هذه – على اية حال- ليست معركة الرئيس "هادي" لوحده، بل هي – ايضا- معركة مواطني "هادي" الذين لا يمثلون أياً من أطراف "الهَكْبة"، بل يمثلون اليمن ولا يريدون أن يكونوا قطيعاً في حصة ألعاب لئيمة كتلك.
بالتأكيد سيشعر مواطنو الرئيس هادي بالغبن المرير كلما استمر الشيخ علي عبدربه العواضي بالتحفُّظ على قتلة الشابين البريئين "أمان والخطيب".. وبالتأكيد سيشعر مواطنو الرئيس هادي بكثير من الألم ومن الإحباط جراء استمرار تأزيم الوضع بالكهرباء.
على أن استمرار التواطؤ والسماح للأفراد وللجماعات بأن يستعـلوا على الدولة ، يجعل من مسألة الاستعلاء على القانون أمراً عادياً جداً، كما ويجعل من مسألة الاستعلاء على المواطنين- تحديداً مواطني الرئيس هادي- هو الآخر أمراً عادياً برضه.
إذ لا بنادق "الأحمر" ولا بنادق "الحوثي" ولا بنادق "الإصلاح" ولا "صالح " ولا "محسن" ولا إيران ولا السعودية ولا قطر سيعنيهم الأمر طالما وأن المتضررين والضحايا ليسوا من مواطنيهم أو من رعاياهم، بل هم مواطنو "هادي".
لا بأس، نحن مواطنو فخامة الرئيس هادي.. نريد بلاداً نعيش فيها بلا أحقاد.. بلاداً بلا مشروع "هكبة" تتوزعها مراكز القوى التي عطلت، وتعطل البلاد- دائماً- وعلى فخامة الرئيس- إذن- ألَّا يتخلى عن مواطنيه، كما وعليه أن يثق تماماً بأن مواطنيه ليسوا ثلة من النهَّابة أو المتبندقين أو قاطعي الطريق، بل هم شعب يريدون له أن يمضي بهم إلى طريق.