أمراء بنو أمية .. والفاتحون الحضارم

2020-11-03 19:21

 

على تلة تطل على أراضي غرناطة وقف أبو عبدالله الصغير، بعد تسليم غرناطة، يبكي ليسمع أمه الأميرة عائشة الحرة تقول: ابكِ كالنساء على ملكٍ لم تحفظه كالرجال .

 

دخل أبو عبدالله الصغير التاريخ بهذه الحكاية التي ذكرها المؤرخ والفيلسوف الإسباني أنطونيو دي جيبارا.

 

من يومها هاموا امراء بني امية واهلها الكرام كالأيتام ، في اصقاع المغرب حفاة عراة . جاعوا وهانوا وتيتموا، وكان الناس يرقبون بنات الامراء يتكففن المارة وكانهن لم يلبسن الحرير ويتزين باغلى المجوهرات ويمشين على الطين المعطر.

 

كانت تلك مقدمة منقولة عن الخسران والضياع والتفريط الذي اصيبت به الامة العربية بضياع -اندلسهم -فبكوا كالنساء على وطنٍ لم يحفظوه كالرجال .

 

 

لماذا الفتح- الاموي- لارض اسبانيا بعد ثمانية قرون من العلم والعز والثراء والادهاش، صدع به الضعف والهوان فسقطت منهم اعظم ارض الدنيا واجملها ؟

انها لعنة التفاخر والتباهي والخيلاء والاعتزال الطبقي بين الحكام والرعية ، بل انه طغيان المال والثراء والبذخ والانغماس بالملذات والمجون.

 

وماذا عن الشرق وفتح - اندونيسيا-؟ هاجرت قوافل المؤمنين من صحاري حضرموت وثمود والمهرة ركبوا البحار الى الارخبيل -الاندنوسي- زادهم التقوى ورفيقهم كتاب الله والدعاء وبعض لقيمات من الزاد والماء ونهج الصوفية والوسطية ونبذ الإنغلاق وما وقر في قلوبهم من حب لكل الناس .

 

حطت مراكبهم الشراعية على الشواطىء -الاندنوسية- وليس   -الأندلوسية- ! ويا لتشابه الاسماء ! فاختلطوا بالناس وسعوا في مناكبها يترزقون في الاسواق ويكسبون قوت يومهم صابرين زاهدين راضيين بزهيد الربح في التجارة فالفتهم الناس واستوطنت الالفة قلوبهم  .

 

تعجبت الناس الى صدقهم ورشدهم وامانتهم واخلاصهم  فامنوهم على تجارتهم واموالهم واسرهم فانتشرت افواج الحضارم يسعون في ٧٠٠٠ الف جزيرة في ذلك الأرخبيل المترامي، تسبقهم الى الناس حكايات محبتهم وصفاتهم وصدقهم وعفتهم وتواضعهم وتسامحهم في البيع والشراء واستقضاء الدين الحسن وما عرف عنهم من جميل القول وحسن التعامل.

 

سألوا اهل اندنوسيا عن دين هؤلاء ونبيهم وكتابهم وكان قبل السؤال قد ثبتت الاجابة في عقول سكان الارخبيل بان هؤلاء القادمون يستحقون ان نثق بهم وباقوالهم وبدعوتهم، كما وثقوا بتعاملاتهم وصدقهم وامانتهم  وحبهم للناس.فصدقوا دعوتهم الى الاسلام فكان الفتح العظيم .

 

اختلطوا الحضارم بالناس البسطاء في الاسواق والمزارع والقرى والحقول بل والقصور وتعلموا لغة اهل البلاد ولبسوا ملابسهم وتعاملوا معهم، وكانوا القدوة الحسنة، فدخلت كل اندنوسيا في دين الله افواجا .

 

بينما خسر المسلمون بلاد الاندلس وانهارت اعظم الفتوحات الاسلامية وبعد ثمانية قرون من المجد والعلم والرخاء والسؤدد، خرجوا منها صاغرين يهيمون على وجووهم تتصيدهم سهام وسيوف ونبال ابناء - آيبيريا-

 

بينما توسع الفتح الحضرمي العظيم في بلاد اندنوسيا فعم ماليزيا وبرونوي وبعض اجزاء الفلبين وسنغفورة ، فصدح الاذان في كل حي وقرية وانتشرت افواج الحضارم تحمل للناس البشرى والإيمان .كان زاد الفتح التقوى فسادوا الغرباء وتسيدوا باخلاقهم وتواضعهم وصدقهم واختلاطهم بالناس ومعاشرتهم لهم .

 

اتذكر اليوم ٧ مليون مسلم في فرنسا عجزوا عن التماهي مع اهلها، وفشلوا في نقل الصورة الانسانية الجميلة والملهمة عن ديننا العظيم. كل ذلك بسبب نفورهم من الناس وازدرائهم لمنهم على غير دينهم وعزلتهم وتشددهم .

 

كم مهاجر مسلم في فرنسا تطوع في العمل في مراكز المشردين ؟ وكم مسلم تطوع لتوزيع الوجبات على اللاجئين في الكنائس ؟ وكم من مسلم تزوج من مسيحية ورَغّبَ الاسلام الى قلبها ؟ وكم من مسلم اعترض على خطاب الكراهات في حوزات وندوات ومساجد فرنسا ؟

 

لماذا لم يأنس الينا الفرنسي ونحن خير أمة اخرجت للناس ؟ 

والجواب المر والمؤلم اننا لم نألف الناس فلم تالفنا قلوبهم .

لقد اقمنا في الوطن الفرنسي ولكننا لم نستوطن قلوب اهل فرنسا ! فكانت العزلة .

 

بينما رمموا شباب ايطاليا وفرنسا مسجد العامرية في رداع ورممت المانيا مصاحف قرآن الجامع الكبير ، فنحن لا زلنا نسومهم الكره وان لم نقلها فالكره في خائنة الأعين وما تخفي الصدور  .

 

فاروق المفلحي