رجل شرطة في خلفية مكتب للأمن تم تحطيمه
انتشار حالات التحرش الجنسي وازدياد معدلات الجريمة وظهور حالات خطف أنعش سوق شركات الحماية الخاصة في مصر والتي أصبحت تقوم بدور الشرطة في غياب شبه تام لأجهزة الأمن منذ ثورة 25 يناير 2011.
"ارتفع الطلب على شركات الحماية الخاصة في مصر بنسبة 40 بالمائة منذ قيام الثورة وخاصة في السنة الماضية التي شهدت تدهورا أمنيا كبيرا وعدة حوادث عنف وشغب دامية ونحن نقوم بتأمين الأفراد والشركات والفنادق والمنازل"، حسب اللواء عمر خالد، المستشار لمجموعة تيم 4، إحدى أهم مؤسسات الحماية الخاصة في مصر.
ويضيف اللواء خالد لسكاي نيوز عربية أنه "نظرا لتردي الوضع الأمني كان يجب أن تزيد بنسبة 100 بالمائة ولكن الانكماش الاقتصادي وتعثر وتوقف نشاط العدد من الشركات قلص من النمو المفترض لقطاع الحراسات الخاصة".
ويشكو خالد، وهو لواء شرطة سابق، من "استغلال البعض للوضع بينما يفتقرون المهارات الأساسية لهذه المهمة الخطرة".
ويستطرد "يظن البعض أنه بمجرد أن يرتدي بعض الأفراد غير الأكفاء زيا شبيها بزي الشرطة ويضعوا سماعة في أذنهم فإن ذلك كفيل بردع المتربصين بينما الافتقار للتدريب المناسب قد تكون له تداعيات خطيرة قد تصل إلى الموت".
في الساحة التي تتوسط المزرعة الكائنة بمنطقة صحراوية بالقرب من القاهرة اصطف مائة رجل ذوو قامة طويلة وعضلات ضخمة.
ما أن صاح قائدهم للاستعداد، حتى انطلق كل زوج منهم لتأدية تمرينات قتالية تقوم على ردع المعتدي وشل حركته وتقييد يديه وراء ظهره بأقصى سرعة.
يقول حسين عبدالتواب، أحد المتدربين، "نقوم بتمرينات رياضية لمدة 3 ساعات على الأقل يوميا عندما لا نكون في مهمة تأمين ولمدة ساعة ونصف الساعة عندما نكون في مهمة وذلك حتى نحافظ على لياقتنا وسرعة البديهة ورد الفعل السريع والملائم".
ويقول أن الشركة توفر لهم "المسكن والملبس والمأكل الملائم والمغذي".
ويزود الفرد بأدوات و أسلحة لأداء مهمته مثل مسدس الصوت أو المسدس برصاص الخرطوش لقائد الفريق وكذلك الهراوات المطاطية والتي يتمرن الفرد على استعمالها "ليس للضرب فقط ولكن ايضا لتكتيف المهاجم وشل حركته بوضعها على رقبته"، حسب اللواء خالد.
ويضيف "لا يقتصر التمرين على تنمية القدرة الجسدية ولكن المهارات الذهنية والثقافية أيضا، حيث نطور قدرتهم على القراءة والكتابة إذا ما كانوا يحتاجون إلى ذلك لأنه من غير المعقول أن تعتمد على القدرة البدنية لشخص لحماية مكان أو إنسان بينما هذا الحارس لا يستطيع أن يقرأ اسم المكان المتواجد فيه".
وتستخدم الشركة "1800 رجل حراسة يأتون جميعا من بلدة دندرة بصعيد مصر المعروفة برجالها الأشداء ومسقط رأس صاحب الشركة"، على حد قول اللواء.
ويتراوح مرتب الفرد ما بين ألفي جنيه إلى أكثر من 5 آلاف جنيه، وهو ما يفوق كثيرا متوسط الراتب في مصر.
"استئجار كلب حراسة يكلف 5 آلاف جنيه، يحصل عليها المدرب وإذا أخذ المدرب عطلة يتغيب الكلب أيضا ويحل محلهما مدرب وكلب آخر لأن الحيوان مدرب على طاعة أوامر مدربه فقط ولا أحد غيره حتى وإن كان يعرفه"، حسب اللواء.
ماهر محمد، صاحب محطة بنزين تقع في منطقة مأهولة من حي راق بوسط القاهرة لم ترصد فيه أية حوادث.
يقول محمد أنه "على الرغم من أننا في حي معروف باستتباب الأمن، إلا أني لجأت إلى شركة حراسة خاصة لتأمين المكان ليلا ولتوصيل العاملين إلى منازلهم حفاظا على سلامتهم بعد حادثة تعرض لها أحدهم منذ عدة أشهر".
"الشخص المسؤول عن الحسابات يعيش في منطقة بعيدة وذات يوم رحل بعد انتهاء عمله ليلا وكان يحمل حقيبة أوراق كعادته فتبعه مجهولون وأرغموا سيارته على التوقف وهددوه بمسدس ظنا منهم أن الحقيبة مليئة بنقود خزينة المحطة".
ويتابع صاحب العمل "عندما وجدوا أنها أوراق لا قيمة لها ضربوه على جمجمته وكسروا فكه بكعب المسدس وألقوا به على حافة الطريق ثم سرقوا سيارته وهربوا".
"عثر عليه بعض المارة وعندما ذهبنا لقسم الشرطة قالوا لنا حرفيا أن ذلك أصبح أمرا معتادا على هذا الطريق وأن ليس لديهم القوة الكافية لملاحقة كل الخطرين في المنطقة"، حسب محمد.
وكانت شركة كير سيرفيس أولى الشركات التي بدأت في تأمين نقل الأوراق المالية والبنوك في مصر في الثمانينات من القرن الماضي.
ويقول أحد الضباط، الذي رفض ذكر اسمه، أنه وزملاءه تعرضوا "لعدة هجمات انتقامية من قبل أقارب بعض المسجلين خطر الذين تم القبض عليهم".
"قبل الثورة، لم يكن أحد يجرؤ على الاقتراب حتى من قسم الشرطة خشية المساءلة، أما الأن فالعكس تماما وهم يشهرون المدي في وجوهنا جهارا".
ولقد منيت أجهزة الشرطة التي كانت تفرض الأمن بيد من حديد بضربة قاسية إبان ثورة يناير عندما اضطر أفرادها إلى خلع بزاتهم الرسمية والفرار أمام جموع الثوار ومنذ ذلك الحين لم يستطع أي من وزراء الداخلية الذين خلفوا اللواء حبيب العادلي، المحبوس حاليا، إعادة بناء قوات الأمن.
وبعد أن كانت نقاط تفتيش الشرطة العديدة جزءا من المشهد اليومي في شوارع مصر، أصبح من النادر الأن أن تقابل رجل شرطة لمسافات طويلة.
واتهم عدد من الإعلاميين ونشطاء المعارضة حكومة الرئيس محمد مرسي بتعمد عدم إعادة بناء جهاز الشرطة حتى يستعاض عنها بالشركات الخاصة ويكون ذلك مدخلا تولج منه "ميليشيات جماعة الإخوان المسلمين" التي ينتمي إليها مرسي إلى الساحة الأمنية وتخلق جهازا أمنيا موازيا.
ونفى القيادي بالجماعة عصام العريان هذه الاتهامات مؤكدا "أنه ليس للإخوان أية ميليشيات من هذا النوع".
دخلت سيدة الأعمال الأنيقة إلى محيط ميدان التحرير للمشاركة في مظاهرة للتنديد بحكم الإخوان المسلمين، وهي محاطة بقوة من ثلاثة حراس شخصيين يتواصلون سويا عبر سماعات وأجهزة لاسلكية.
"لقد شهد محيط الميدان حالات كثيرة من التحرش الجنسي، لذلك قررت الاستعانة بالحراسة حتى لا أتعرض لمثل هذه الجريمة ولمساعدة أية سيدة في مأزق إن استطعت"، كما تقول ناهد عيسى.
وتتابع، لقد كانت الفتيات تسرن في القاهرة حتى ساعات متأخرة من الليل دون أن يتعرض لهن أحد أما اليوم فأنا لا أسمح لابنتي الجامعية بالعودة في وقت متأخر حتى وإن كان لحضور الدروس و لا أأتمن حتى السائق لأننا سمعنا عن حوادث اختطاف كثيرة كان سائق العائلة هو مدبرها"، حسب ناهد.
* نقلا عن سكاي نيوز