التائهون .. بين ثورة وقمره

2013-05-18 19:48

التائهون .. بين ثورة وقمره

 

إذا كانت مواكبة المثقفون لخيارات شعبهم نحو التحرير لا تسركم .. فهذا شأنكم ..

 

فإن شعبنا الجنوبي الرائع الذي انتفض في وجه القهر والظلم لم يستمد قواه واندفاعاته الثورية تلك من فرد يلقنه .. ولا من حزب ينظّمه .. كما حصل في صنعاء عندما أختطف من يدعون بأنهم وكلاء الله في أرضه ثورة الشباب فجعلوها نموذج بائس لثورة خيبت آمال الجميع .. عندما منحت الثورة (المزعومة) للجلاد حصانة قضائية .. !

 

تستمد ثورة الإنسان الجنوبي زخمها وقوتها من ممارسات الاحتلال والنهب المستمر والممنهج لثروات الإنسان ضاربين بحاجاته عرض الحائط متجردون من كافة الالتزامات نحوه ..

 

تستمد ثورة الإنسان الجنوبي البطل قوتها من أعمال القهر والإقصاء السياسي والتهميش واستفراد الفكر القبلي المتخلف بصنع القرار .

 

يستمد الإنسان الجنوبي زخم ثورته وعنفوانها من أعمال القمع الوحشي المستمر التي تمارسها أنظمة الأمن الداخلي والجيش تجاه شعبنا الحر .

 

ثلاثة أسباب لا تدع مجالا للشك أن الإنسان الجنوبي في أرضه يرزح تحت احتلال حقيقي .. وقعت فصوله الأولى في عام 1994 م عندما داست مدرعات جيش الجمهورية العربية اليمنية ما تبقى من الوحدة الفاشلة .

 

ثورات الشعوب الحرة في عمومها تكون ذات طابع (عفوي) ولا تخرج عن هذه الصفة إلا ان كان ورائها جهات ذات أغراض سياسية .. وعندها لا يعود من الصواب وصفها بأنها ثورة شعب بل خداع أو ( قمره) ..

 

أثار استغرابي ما قاله بعض مثقفينا عندما استخدموا حجة ( عفوية الشعب ) في تنظيم وإدارة فعالياته كشماعة يتعذرون بها ليبررون تمنعهم عن المشاركة في الثورة ويطلقون كلمات اشمئزاز تدل على استيائهم من بساطة وعفوية الجانب الفكري والثقافي في صفوف الجماهير الثائرة .

 

أخطاء عفوية يشمئزون منها ويبررون بها وقوفهم لغاية اليوم إلى في صف النظام القمعي وأحزابه ومعارضته الزائفة ضد الثورة الجنوبية ..

 

وقاحة لم يسبق لها مثيل .. أيها السادة .. إن بقائكم في مؤسسات دولة الاحتلال وأحزابه ونقاباته وجمعياته وحتى معارضته وكل ما يمت إليه بصله يعد وقاحة انتهى زمن أي مبرر لها .

 

ذلك الصنف الأول ..

أما الصنف الآخر .. فيشترطون لانضمامهم إلى الثورة أن يغيروا مسار الثورة الجنوبية عن الاستقلال الناجز إلى مشاريع مجهريه يعلم شعبنا جيدا أنها لا تلبي طموحاته بالاستقرار والحياة الكريمة والحق في الوجود السياسي ضمن خارطة الوطن العربي ودعواهم في ذلك ( أن النخب لا تسير خلف الجماهير على عفويتها ) وهو مبدأ ارستقراطي يتحججون به ليبرروا مواقفهم حتى لا يكتبهم التاريخ في صفحات من الازدراء لتخاذلهم عن نصرة شعبهم في ثورته .

 

لست من الأبطال الذين في الميدان .. ولكن بلسان كل مناضل في الميدان يعيش القهر والجوع والخوف لأجل الحرية والحياة الكريمة نقول للصنفين المذكورين :

نحن شعب محتل .. منهك جسده وخائرة قواه .. مستباحة أرضه وثرواته .. بالكاد نجمع كلفة ضماد جرح صديقنا المصاب .. ونقسم لأسرة (الشهيد) من راشن أسرنا .. نستمر في نضالنا المضني المنهك لأجلكم ولأجل مستقبل أجيالكم القادمة أيها المتخاذلون .. لن نستسلم .. لن نركع .. لن نهادن .. لن نقبل بالاحتلال تحت أي صورة ولو كانت فيدرالية .. ولا بديل عن الاستقلال التام والناجز .. والنصر قريب بإذن الله ..

جماهيرنا ( العفوية) لا تتلقى دعم من إصلاح ولا من مؤتمر ولا نتبع لأحد غير الله ثم الوطن ..

ندفع فعالياتنا من جيوبنا ونتقاسم كسرة الخبز .. تتمازج أحوالنا بين الفرح بالنصر الذي أصبحنا نراه قريب .. والألم على فقد شهدائنا الأبرار..

 

أيها المشمئزون من (عفوية) شعبنا وثورته .. ربما لن نستطيع إخراج مسيراتنا وفعالياتنا في ثوب كرنفالي يطيب لأذواقكم الراقية والتي اعتادت على فعاليات افتتاح كأس العالم أو الألعاب الأولمبية .. فـ فعالياتنا هي انعكاس لعفوية ثورتنا وبساطة شعبنا المقهور .. ولا تحسبوا أن الثورة ستنصاع إلى حيل الاحتلال المتدفقة من خلالكم .. ولا بديل عن الاستقلال الناجز ..

 

لن يتوقف الزخم حتى يخرج المحتل من آخر شبر من بلادنا .. ذلك المحتل الذي تدينون له بود نستغربه !

 

حقيقة:

لا يوجد في أرضنا من المهرة إلى باب المندب سوى احتلال واحد فقط نراه رأي العين على أرض الواقع بجلاوزته ومجنزراته .. لا يوجد احتلالين كما يحاول المحتل اليمني عبر أدواته أن يقنع البسطاء .. ومن يخترعون لهم مبررات يتهربون بها عن تحمل مسئولياتهم فلن يرحمهم التاريخ .

 

 

أيها السادة المتكبرون على إرادة شعبنا وخياره وعفويته لم يعد أمامكم حجج وأعذار فـ إما أن تكونوا مع شعبكم أو مع المحتل الغاصب .. لا خيار ثالث لتتمسحون وتدعون به ولا حجج .

محمد بن ماضي ..