سمح هادي وتنظيم الإخوان لتنظيم القاعدة أن يدير حضرموت الساحل ذاتياً عاماً كاملاً ولم يسموا تلك الإدارة الذاتية تماماً انفصالاً ولا سمعنا منهم حرفاً واحداً يحذر من انفصال المكلا.
ومنذ الحرب يسمحون لمأرب بإدارة نفسها ذاتياً لا يتدخل أحد في إدارة مواردها ولا في فرض تعيينات مركزية ولا بتوريد شيء لبنك الشرعية المركزي.
المهرة أيضاً تدار ذاتياً ولا داعي لبيانات التضليل الصادرة منها والتي ترفض الإدارة الذاتية لعدن والمكلا وتتمسك بها خلسةً في الغيظة.
أما الحوثي فهو يدير ذاتياً الشمال كله ولا يسمى عند الشرعية انفصاليا ولا يعتبرون ادارته للشمال والموارد عملية انفصالية وتقسيمية يسمونه انقلابا وليس انفصالا.
بعد سقوط المركز السياسي والعسكري بيد الحوثيين سقط النظام المركزي الذي بناه علي عبدالله صالح وشركاؤه من تنظيم الإخوان بدرجة أساسية هذا النظام الذي تنتمي له فصيلة هادي وعلي محسن ومن سار في فلكهما.
وصل الحوثيون إلى عدن واجتاحوا الجنوب يحملون نظاماً مركزيأ مجدداً ومدعماً بالقداسة الدينية والعرقية.
انطلقت المقاومة وتدخل التحالف وهزمت مركزية صنعاء الجديدة الدينية العرقية.
كان من الطبيعي أن تدار المحافظات التي سقطت فيها مركزية نظام صالح ومركزية النظام الجديد ذاتياً ويعين لها إدارات قوية تملك صلاحيات حقيقية وتملك موارد لتعيد الروح في المدن التي تعرضت للدمار أثناء سقوط مركزيتين متداخلتين.
وفي الحقيقة والواقع لم يكن اصلاً من الممكن سوى منح المحافظات الإدارة الذاتية لأن المركز المقدس هو بنفسه أصبح يدير نفسه بنفسه ولم يعد موجوداً.
ولأن الذين ثاروا على المركز المقدس والمركزية وقالوا انها سبب دمار البلاد ورفعوا مشروع الفيدرالية هم الشرعية.
فما الذي يجعل العودة للنظام المركزي هو الوطنية وأي حديث عن الحكم الذاتي أو الفيدرالي جريمة وانفصالا؟
كانت فترة المهندس بحاح أكثر مرونة وسمحت للمحافظين بالتحرك والعمل بدون قيود المركزية وفعلاً تنفست محافظات بعد التحرير وعلى رأسها عدن زمن الشهيد جعفر القصير والمكلا في عهد أحمد بن بريك.
لم يكن في الأمر أي إضافة على ما يحدث إلى اليوم في مأرب.
وشعر الناس يومها ببعض التغيير وبدأت الأمور الحياتية تتحسن ومنصب المحافظ يمتلئ بشاغرية.
تم بعد ذلك تحطيم تلك الخطوات بقسوة وعنف ودموية وحقد مطلق تم تصفية المحافظين الذين عملوا في ظل خطوات الإدارة الذاتية الأولية اغتيل جعفر محمد سعد وأقيل بن بريك ولملس.
وجاء ابن دغر حاملاً مشروع المركزية المؤقتة من عدن وربط فكرة الإدارة الذاتية بالاتصال وهي فكرة فيدرالية وليست فكرة استقلالية.
دخلنا من يومها في الحرب من أجل استعادة نظام علي عبدالله صالح المركزي وبأسوأ ما فيه وأحقر شخصياته وأكثرها بلادة وحقداً وفوق كل هذا مركزية عفاشية إخوانية مشتركة (مؤقتة).
وهذه واحدة من النكات السمجة وهي النضال وإرهاق الشعب وسفك الدماء ونشر الفتن من أجل أن تقيم مجموعة من الناس نظاماً مركزياً مؤقتاً وهي من ثار على النظام المركزي الدائم وحملت مشرعاً للحكم الذاتي، وعندما حان وقت الحكم الذاتي قال الثائرون على المركزية الدائمة: ليس لنا الا المركزية المؤقتة والمشوهة وبلا مركز.
المجلس الانتقالي لم يعلن الاستقلال ولا قيام الدولة.
لأن الاستقلال وحق تقرير المصير ليس حكماً ذاتياً وهو يحتاج لمسار قانون دولي. وهذا المسار يجب أن نصل اليه، أما والجنوبيون يختارون الوحدة أو يقررون مصيرهم باختيار الاستقلال وإقامة الدولة.
تخويف الناس بالخطر على الوحدة من أجل حشد مشاعرهم وتوجيهها نحو عدن لمزيد من الصراعات المدمرة لأي أمل وحدوي هو جريمة إنسانية وأخلاقية وجريمة ضد الوحدة.
فترة الخطوات الأولى للإدارة الذاتية قبل مجيء (طيب الذكر) أحمد بن دغر، كما سماه المتوتر أحمد الميسري عالجت الكثير من الغضب الجنوبي تجاه الشمال.
بدأت الناس تتلمس وجودها في مناطقها ومصالحها من سلطة قريبة منها وبدأت تتعامل مع قوات عسكرية وأمنية من نسيجها وبنت بيئتها.
لكنها كانت بداية وخطوات غير مكتملة ومع ذلك اثمرت استقرار وتحسن خدمات وحالة تفهم مجتمعي..
إذا كان هؤلاء الناعقون حريصين على الوحدة، فعليهم ترك عدن والمحافظات الجنوبية تتنفس وتلتقط أنفاسها وتحصل على ذات الهامش الذي منحوه لمأرب.
وعندما تتحسن أحوال الناس ومعيشتهم وتستقر مدنهم اتركوا لهم بعد ذلك حق الاختيار وتقرير مصيرهم، الوحدة لا تفرض بالقوة لا قوة مع الاتحاد ولا اتحاد بالقوة بل منتصر ومهزوم وظالم ومظلوم ونار تحت الرماد.
*- سعيد عبدالله بكران