قال كاتب سياسي جنوبي أن التقرير النهائي الصادم المرفوع، مؤخراً، إلى مجلس الأمن، من قبل فريق خبراء لجنة العقوبات الدولية الخاصة بمعاقبة معرقلي التسوية السياسية باليمن، يؤكد ان الأمم المتحدة على علم تام بكل الجرائم المرتكبة بحق الشعب اليمني شمالا وجنوبا وانها - أي الأمم المتحدة- كانت مكتفية فقط بالرصد والتوثيق لها بالتفاصيل والأدلة الدقيقة.
وقال الكاتب "ماجد الداعري" أن التقرير يكشف دون مجالا للشك أيضا،ان الأمم المتحدة على دراية كاملة بكل مايجري باليمن من فساد ونهب لأموال ومقدرات الدولة وتدمير لمؤسسات ومقومات البلد، وصولا إلى معرفتها باسماء المتورطين بتلك الجرائم والطرق والأساليب الحوثية المستخدمة في مصادرة أموال التجار والحجز على املاك المسئولين بمناطق سيطرتهم بتهمة الخيانة والتعامل مع العطوان، إضافة إلى إدراكها لكيفية تهريب الأسلحة المختلفة ومعدات الحرب الى مناطق الحوثي وغيرهم.
حيث كشف التقرير وبالأدلة أيضا والأرقام والصور والإحصائيات، عن كيفية تورط مسئولين بحكومة الشرعية والبنك المركزي بعدن بجرائم المضاربة بالعملة المحلية للإثراء الشخصي غير المشروع، وعلى حساب قيمة العملة وقوت الشعب اليمني ومصالح البلد.وكيف استخدم مسئولين بحكومة الشرعية، ملف تورطهم بالفساد وارتباطهم بتلك الجرائم لازاحة محافظ البنك المركزي السابق حافظ معياد من منصبه بدلا من معاقبة المتورطين بالمضاربة بالعملة والتفاعل من رئيس الحكومة مع مطالبته من قبل معياد بضرورة تحريك ملف المضاربين بالعملة وإرسال لجان تحقيق حكومية متخصصة من جهاز الرقابة والمحاسبة وهيئة مكافحة الفساد للتدقيق والتحقيق في تلك الجرائم المرتكبة داخل البنك المركزي.
بالتالي فان السؤال الأهم والأكثر الحاحا بالنسبة لي وللكثيرين غيري:
لماذا سكتت الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي طيلة هذه السنوات على كل مايجري باليمن من فساد كانت تعلمه بحينه وتدرك حجمه المهول جيدا، وتأثيراته الكارثية على مستقبل نجاح اي حل سياسي للأوضاع بالبلد كون تجار الحرب المصرين علي استمرارها، هم من صاروا يتحكمون باليمن وقرارات حكومتيه شمالا وجنوبا.
وعلى كيف اكتفت الأمم المتحدة بالرصد والتوثيق لكل هذه الجرائم الصادمة وحصرها باليوم والتاريخ واللحظة والأدلة والصور، وهي تدرك تمام الإدراك ان أغلب تلك الجرائم وفضائح الفساد الموثقة لديها، تخالف وتخترق قرار العقوبات الاممية الصادر بحق معرقلي التسوية السياسية باليمن وتتعارض أيضا مع بقية قرارات مجلس الأمن القاضية بمنع توريد الأسلحة إلى المليشيات باليمن والزام جميع الدول بتنفيذ هذه القرارات الإلزامية لكل الأعضاء ومنها القرار ٢٢١٦ الصادر تحت البند السابع والقاضي بمعاقبة كل المشمولين كمعرقلين بلائحة ذلك القرار ومن يخالف بنوده وحيثياته الملزمة.
وما فائدة الشعب اليمني المنكوب اليوم بالجوع والماسي من كل هذا الرصد والتوثيق ألأممي لماحل به من نكبات وويلات حرب عبثية استثمرها آخرين على حساب جوعهم وأمنهم واستقرارهم المعيشي؟
وماذا أفادنا موظفوا و"شقاة" الأمم المتحدة طيلة فترة عملهم الاستقصائي والتجسسي باليمن لجمع وتوثيق كل هذه الجرائم الموثقة، بتقرير صادم ومتأخر كهذا، بعد فوات الأوان وخراب مالطة كما يقال؟ .
وهل يمكن اليوم لمجلس الأمن ان يستخدم صلاحيات القوة لديه لاستعادة أموال الشعب اليمني المنهوبة شمالا وجنوبا، بعد توصل لجنة الخبراء إلى اسماء شخصيات وشركات وبنوك ومصارف متورطة في مثل تلك الجرائم،أم أن الأمر لايعدوا عن كونه تقرير إخلاء مسؤولية من خبراء تورطوا، هم أنفسهم، بالفساد باليمن خلال مهتمهم،أكثر ممن يفترض أن عليهم الكشف عن فسادهم وتعريتهم أمميا وتسهيل مهمة إضافتهم إلى لائحة المشمولين بالعقوبات الدولية باليمن.
وختاماً يبقى السؤال الأهم : لماذا اكتفت الأمم المتحدة بالرصد والتوثيق لكل جرائم الفساد ونهب أموال الشعب اليمني شمالا وجنوبا؟