الهبة الحضرمية .. غير المهبوب عليهم

2020-01-04 16:28

  

وأخيرا مع نهاية العام وضعت فعاليات ذكرى الهبة أوزارها، وخمدت نارها، وبعد سنوات ست من انقضاء ما بات يعرف بالهبة الحضرمية نريد أن نعرف ما الذي أصاب المهبوب عليهم الذين هبت الهبة في وجوههم، ما الذي خسروه، وما الذي حرموا منه، وما المكاسب التي سقطت من بين أيديهم وآلت إلى الحضارم الهابّين.

 

   أما ما جناه هؤلاء الهابون في ديارهم الحضرمية فهو تمكن جموع من الهابّين أن يتحولوا إلى ناهبين، ومن ثم تحقق لحضرموت العدالة النهبية، فصار هناك ناهب وطني صار بإمكانه بجدارة أن يجاكر الناهب المستقدم، ولا يدعه يستأثر بخيرات حضرموت لوحده.

 

   بل تمكنت من منافسة عشائره الشهيرة التي كانت تنفرد شمالا بالسلطة والثروة، فتكونت عشائر وطنية مضادة، استطاعت بحق أن تنتزع نصف السلطة والثروة، ثم فرقتها بين ذوي الكفاءة من أفرادها، وهكذا تم القصاص العادل المقدم بالمقدم والشيخ بالشيخ.

 

   كما تمكنت جموع من الهابين من تكوين نخبة من أفرادها وأولادها في الجيش والأمن والشرطة قادرة على منافسة نظرائهم من (جنود الاحتلال) في خدمة المواطن المغلوب على أمره، فانتشرت نقاطها في الشطر البحري من حضرموت من المداخل إلى عقر مدائن الساحل، ونجحت في إبطاء إيقاع حركة المواصلات المزعجة بالتناوب مع المطبات، فكيلو مطب وكيلو نقطة، ثم كيلو مطب يليه كيلو نقطة، وهكذا دواليك، والشمس من فوقهم تشهد.

 

   وكان المهبوب عليهم ينهبون الناس في الخفاء، أو في مناطق لا يصل إليها غيرهم، في الهضبة حيث ثروات البر، وفي الغبة حيث خيرات البحر، ثم يتصدقون بالفتات لموظفيهم في صورة تسهيلات إدارية وحوافز مالية في الإدارات والمؤسسات الحكومية، فتمكنت عشائر الهابين الحاكمة من وقاية مواطنيها من مذلة الصدقات، وترفعوا بهم عن نيل الفتات، فعملت على تجفيف وتنشيف كل ما وضعه الناهبون المستقدمون من تسهيلات وحوافز، وفي الوقت نفسه شاركت المهبوب عليهم في ثروات البر والبحر وما بينهما من وسائل الاتجار بنهب ندي وفيد علني بكل عزة وكرامة.

 

   وهكذا صار الحال في حضرموت مهبّبًا بعد الهبة، والتي اتضح أن هبوبها قد ضل طريقه فاتجه إلى غير المهبوب عليهم من الحضارم الضالين.

*- د أحمد باحارثة