مطبّات وادي دوعن
محمد بالفخر
وادي دوعن هو احد اودية حضرموت الشهيرة واشتهر هذا الوادي بكثافته السكانية وبكثرة مهاجريه الذي اعتلى شأن بعضهم وأصبحوا يشار اليهم بالبنان بعد ان فتح الله عليهم من واسع فضله في مهاجرهم التي وصلوا اليها حتى دخلوا في قائمة الاسر الاكثر ثراء في العالم كما اشتهر هذا الوادي بكثرة نخيله وبكثرة اشجار السدر التي يمتص رحيقها اسراب النحل لينتج منها اجود انواع العسل الذي ذاع صيته وبلغت شهرته الافاق وتغنى به الشعراء ( يا عسل دوعن ياقوت العاشقين).
ومن يشاهد مدن وقرى هذا الوادي هذه الايام ويرى اكشاك القات قد انتصبت امام كل مفرق وأمام كل مدينة وقرية وهي تستنزف المبالغ الطائلة التي ينفقها بعض من شباب هذا الوادي وشيبانه على حساب الاساسيات الضرورية للأسرة والفرد ما يجعلك تتأسف وتتحسر ندما على مستقبل قاتم ينتظرهم اذا استمر الوضع كما هو عليه الآن ومما يزيدك اسفا وحسرة حسب ما سمعنا ولم نرى ذلك على كل حال ان هذه الشجرة الخبيثة الوافدة على الوادي وعلى حضرموت عامة قد بدأت وريقاتها تتسلل الى افواه بعض النساء من خلال ازواجهن ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وبالطبع لا توجد احصائية محددة عن عدد متعاطي هذه الشجرة ولا عن حجم المبيعات اليومية إلا انها مهولة جدا. على حسب وصف كثير من الناس .
ومن وصفهم ايضا ان الباعة يحتفظون بكميات كبيرة من الحلي الذهبية كرهن يقدمها المشتري الذي ليس لديه قيمة تخزينته فيلجا الى ذهب امه او اخته او زوجته والقصص في هذا الجانب كثيرة منها أن احدهم يأخذ قطعة من حزام زوجته في كل مرة تدفعه الحاجة دون علمها واكتشفت الزوجة هذا الامر عندما ارادت لبس الحزام في احدى المناسبات فلم تجده على مقاسها وقال لها الزوج (لقد سمنتي على شأن ك ذا ضاق الحزام) ما شاء الله مغرقها في النعم لدرجة انتفاخ جسمها سريعا .
وأتذكر في منتصف تسعينيات القرن الماضي ان من يتعاطى القات لم يكن يجرؤ على الظهور امام الناس وشدقه منفوخا كأنه كرة تنس وضعها في فمه
وبعد ظهور مشايخ 77 ممن نصبهم حاكم حضرموت في ذلك الوقت وكثرة جلساتهم التي لا يغيب عنها القات وكذلك بعد حضور افراد من المغتربين ممن ابتلوا بهذه الشجرة وأصبحوا يتعاطونها جهارا نهار حتى اصبح الامر عاديا عند بقية الناس ولم يعد مستهجنا كما كان سابقا والقادم اسوأ .
وقد كان الوادي مهملا من المشاريع الحكومية منذ زمن بعيد ولكن حباه الله بروح وطنية وقّادة لدى ابناءه المغتربين ممن اكرمهم الله بالمال وورّثوا هذه الروح الى ابناءهم فغطوا بمشاريعهم الخيرية عجز وتقصير الحكومات المتتالية ، ولن أتحدث عن حجم تلك المشاريع في كافة مجالات التنمية وما يعنيني هنا ما يتعلق بعنوان المقال حيث لم يعرف الوادي طريقا مسفلتا او معبدا البتة .والذي يزيد طوله على اكثر من 100كيلو متر بفرعيه الايسر والأيمن ، وكان السفر منه واليه يعد من المشقّات الكبيرة ولا تصل اليه إلا انواع معينة من سيارات النقل الكبيرة ولا تقطعها إلا بعد ساعات طوال .
في العام 1993م وضع السيد حيدر ابوبكر العطاس رئيس وزراء الجمهورية اليمنية في ذلك الوقت حجر الاساس لمشروع طريق المشهد دوعن بطول 64كيلو متر من عدب الى رحاب ولكن هذا المشروع لم ير النور كغيره من المشاريع وتعرض حجر الاساس لعوامل التعرية وأصبح اثرا بعد عين وفي مطلع 1997م كان لي شرف التوقيع نيابة عن رجل الخير والإحسان الشيخ عبد الاله بن محفوظ على عقد تنفيذ 23كيلو متر من طريق دوعن بدأ من جوار موقع حجر الاساس الذي وضعه السيد حيدر وانتهاء بقرية نسره على مشارف مركز المديرية ومازال هذا الطريق قائما بنفس الجودة ولله الحمد ولم يتعرض حتى لأضرار السيول . والحمد لله أن ذلك العمل كان فاتحة خير لاستكمال بقية المشروع الى مركز المديرية من ميزانية الدولة وتكفل الشيخ عبدالله بقشان بطريق الوادي الايسر ليس الى عقبة خيله فقط بل الى رأس حويره رابطا الوادي بطريق المكلا سيؤن الرئيسي بأقصر الطرق وأعاد تأهيل العقبة بأفضل مما كانت عليه كما تكفلت اسرة آل بن لادن باستكمال طريق الوادي الايمن الى رباط باعشن اخر مناطق الوادي وكان للشيخ القثمي بصمته بسفلتة عقبة بضة والشيخ سالم بن يماني بن محفوظ عقبة صيلع. وفرض حاكم الحاكم بأمره في حضرموت في ذلك الوقت على ميزانية الدولة اعتماد الطريق الى قريتين فرعيتين بعيدتين عن مدينة الهجرين التاريخية نظرا لاكتساح الخيل لاصواتهما بنسبة200% وربما انه اختلط عليه قول سيدنا عمر (لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله عنها لم لم تصلح لها الطريق ياعمر) وهذا تخيل ان المخلوع سيسأله فأصلح الطريق لخيل المؤتمر بينما مدينة الهجرين التاريخية وجبلها المميز الذي ترتاده افواج السوّاح من كل مكان لم يوضع في حسابه .
ولنعود الى موضوع عنواننا وبقدر فرح الناس الكبير بهذه الطرق التي حلّت مشاكل كبيرة وخدمت الفرد والمجتمع والدولة وأزاحت الكثير من الهموم وأوصلت المريض الى اقرب مستشفى بأسرع وقت ممكن نجد ان القوم قد غرتهم ثقافة المطبّات فأصبحنا نرى امام كل قرية مطب او مطبين او ثلاثة هذا يزعم لحماية غنمه وذلك لحماية ناقته وتلك لحماية كلبها حتى لا تصدمه سيارة مسرعة وأمام مركز الامن ثلاثة مطبّات وآخر امام بيته مطبين وطبعا ابناء الوادي ليسوا كلهم من الطبقة البرجوازية الذين يركبون الصوالين الفارهة والهمر في مواكب استعراضية لا يفعلونها في البلدان التي يحملون جنسيتها وطبعا تتحمل المطبّات ولاتتأثر بها. تصوروا الالاف ممن لديهم ايكو او ياريس او كورلا او ماشابها كيف تتعلق سياراتهم في هذه المطبّات فيضطروا لا خراج الاولاد والعائلة عند كل مطب ليخففوا على السيارة واما ان لم ينتبه له وخاصة في الليل فالله يعينه على قطع الغيار ان سلم من حادث مروّع . وهكذا صارت المطبّات مصيبة عليهم وفائدة لأصحاب قطع الغيار وأصحاب الورش .
55مطب من بداية الوادي الى جوار مستشفى خيله ناهيك عن الوادي الأيمن فأصبح الوضع كما يقول المثل ( حارة كل من ايده اله ) من حك رأسه اصبح اليوم الثاني يصلح له مطب من اراد ان يتلذذ بإيذاء الناس ويفرض نوع من الهنجمة يعمل مطب والمسئولون لا يحسون يما يتعرض له الاخرون يمرون على المطبّات مرور الكرام فهل سنرى حملة تصفية لهذه المطبّات وفرض عقوبات رادعة على كل من يصنعها ؟
ام اننا سنقول يامطبّات دوعن كسّرتي سيارات وظهور المساكين !!