بعد أشهر من الإنتظار وقّع طرفي الصراع ممثلاَ بالشرعية و المجلس الانتقالي الجنوبي بعد أزمة عصيبة شهدتها المحافظات الجنوبية المحررة لتمثل حينها انتكاسة كبيرة للتحالف العربي و إحراج كبير للملكة العربية السعودية التي وجدت نفسها بين خيارين كلاهما مُر ، بين خسارة حليف قوي على الأرض و بين شرعية ناشدتها للتدخل في اليمن .
إحراج كبير للملكة مما جعلها لابد أن تمسك العصا من الوسط و تجلى هذا في عدم تدخلها في عدن و أبين و تدخلها في شبوه بشكل غير مباشر لمعادلة الكفة و خوفاَ من فقدان ما بقي من شرعية لتعلن بعدها عن حوار يضم كلا الطرفين و هو ما تحقق أخيراَ.
لن أشكك في النوايا و لن نسئ الظن بأنّ ما حدث مخطط له و لا سيما بعد إختراق كبير للشرعية من طرف تمقته علنياَ دولة الإمارات و تتماشى معه المملكة ظاهرياَ وفقاَ للمصالح و تمقته باطنياَ .
غير أنّ ما تصبوا إليه المملكة سيتحقق من خلال المساهمة في صنع القرارات بصفتها مراقبة و مشرفة على هذا الإتفاق .
في اعتقادي أن إتفاق الرياض هو بمثابة إنتصار للحكمة و العقل لكلا الطرفين و الذي تجلى في التنازلات الجرئية وتغليب المصلحة العامة ضد المشروع الأكبر الذي تدخل لأجله التحالف بعيداَ عن التطرف و التعصب في المواقف .
أمّا الخاسر الأكبر من هذا الإتفاق هي إيران و مليشياتها بالإضافة إلى صقور الشرعية أو بمعنى أدق المتعصبين و مصاصي موارد الدولة و تجار الحروب و كذا من لهم أجندة مقيتة .
كما أنّ رسالتي لجميع المشككين في إنتصار القضية الجنوبية من هذا الإتفاق أن يدركوا أنّ هذا الإتفاق لم يأت أصلا َ لأجل حل القضية الجنوبية و إنما لحل الإشكالية و الأزمة بين تيارين متنازعين كلاهما يعترف بشرعية عبد ربه و شركاء بقوة مع التحالف العربي مما جعل التحالف يتدخل لرأب الصدع و التوحد ضد المشروع الإيراني و تأجيل كل المشاريع الحساسة بعد دحره.
نبارك هذا الاتفاق التاريخي الذي أثبت حنكة و حكمة أطرافه و نتمنى أن يرى النور على الأرض و أن لا يبق حبر على ورق .
كما أنّ المرحلة القادمة لتعزيز القضية الجنوبية يتطلب حراك دبلوماسي واسع و لاسيما بعد انفتاح كل الأبواب الدولية بصفه رسمية و شرعية ، كما يتطلب أيضاَ توحيد الصف الجنوبي بعيداَ عن المكايدات نحو تحقيق المشروع الأكبر المؤجل .
كما أنّ الترحيب و المباركة من دول عظمى كأمريكا و بريطانيا و مصر و البحرين و الأردن و الكويت و المبعوث الأممي لليمن و مجلس التعاون الخليجي و الجامعة العربية و منظمة التعاون الإسلامي و غيرها بهذا الإتفاق يوحي بأنَ القضية الجنوبية قاب قوسين أو أدنى من تحقيق أهدافها بالطرق السلمية و عبر أروقة الأمم المتحدة.
و دمتم في رعاية الله