سلسلة لقاءات وتحركات وتفاعلات ملحوظة تحققها القضية الجنوبية، أكانت لقاءات وزيارات اللواء عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي في لندن وموسكو، أو لقاءات رئاسة المجلس بأعضاء الوفود الدولية في أبوظبي، أو زيارات سفراء الدول الكبرى إلى عدن ولقاءهم بقيادات المجلس الانتقالي وبشكل علني.. وهذه إشارات ودلالات بأن القضية الجنوبية أصبحت قضية مركزية وجوهرية وناجحة وشرعية وبيد محام ناجح، ولا يمكن تجاوزها أو القفز عليها.. فالخطوات التي يسير عليها المجلس الانتقالي في تمثيل القضية الجنوبية أكسبته الشرعية الشعبية من الجنوبيين وتبقت الشرعية الدولية، وقد بدت ملامحها تتشكل وهي الخطوة الأخيرة في مشوار القضية.
ولا تسمتع عزيزي القارئ إلى المشككين عندما يأتي إخونجي (مدرعم) يقول لك بأن السفير الروسي غير مهتم بالعلم المرفوع و(ما أخذش باله من المثلث والنجمة)، أو أنه لا يعلم عن الترتيبات التي سبقت الزيارة، وتبقى الحقيقة أن الزيارة سبقها تنسيق واتفاق على كل شيء، فلا يمكن أن يتم التصرف بالصدفة، لأن أي أخطاء أو تجاوزات في البروتوكولات الرسمية بين الدول قد تؤدي إلى مشاكل وقطيعة، ولكن ما تم خلال الزيارة عملية منظمة ومرتب لها بشكل مسبق ومقصودة ومعلنة وهدفها إيصال رسالة من روسيا مضمونها نحن أول الدول التي ستعلن الاعتراف الرسمي بدولتكم وقت إعلان استعادة دولتكم.
فتصريحات السفير الروسي التي أعقبت جلسة المباحثات مع قادة المجلس الانتقالي بعدن كانت قوية وصريحة، حيث أكد سعادة السفير الروسي لدى اليمن، فلاديمير ديدوشكين، بما لا يدع مجالا للشك، أن المستقبل للانتقالي طيب جدا، ووصف اللقاء مع قيادة المجلس الانتقالي بالعاصمة عدن بـ «المثمر والمهم»، وناقش كثيرا من المواضيع بما فيها قضية التسوية للأزمة اليمنية وقبل كل شيء تمت مناقشة القضية الجنوبية، داعيا الأمم المتحدة ومجلس الأمن للاهتمام بالقضية الجنوبية.. وأشار إلى أنه تم الاستماع إلى موقف المجلس الانتقالي، وسيتم دراسة الموقف، واصفا زيارة الرئيس الزبيدي إلى روسيا بـ «الجيدة»، والاجتماعات مع نائب وزير الخارجية وممثل للرئيس بوتن بـ «الناجحة»، وألمح أن روسيا ستستمر في علاقتها مع المجلس الانتقالي وتعمل على تطويرها، وهذا هو بيت القصيد وجوهر الزيارة التي تزامنت مع وجود اللواء الزبيدي في موسكو.
لا أبالغ إن قلت إن المجلس الانتقالي وضع قضية الجنوب في مسارها الصحيح ويبذل جهودا جبارة لتحريك الملف دوليا لانتزاع الاعتراف من الدول الكبرى، وبخطوات هادئة بدون ضجيج إعلامي، وبدون إفصاح عن محتوى الاتفاقات التي عقدها مع شركائنا البريطانيين والروس، وليس كل ما يعتمل في السياسة يصرح به في وسائل الإعلام، فهناك الكثير من المفاجآت السارة تحملها لنا الأيام القادمة، والمرحلة اليوم هامة ووصلت إلى مفترق الطرق، والتحديات كبيرة تستدعي نواة وإرادة جنوبية صلبة، وتتطلب التفاف كافة أبناء الشعب الجنوبي حول القيادة المفوضة من الشعب بزعامة اللواء عيدروس الزبيدي الذي أثبت للداخل والخارج أنه رجل المرحلة الراهنة، قائد حازم في الميدان والجبهات وفي أروقة السياسة أيضاً، وإنه ماضٍ في العهد الذي قطعه على نفسه عندما أعلن الحامل السياسي الجنوبي «المجلس الانتقالي»، وطلب التفويض الشعبي من الجنوبيين، وأنه سيوصل الجنوب إلى الاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية الفيدرالية المستقلة كاملة السيادة.