الجنوب من أدناه الى أقصاه مستهدف، ليس فقط من النخب السياسية التي ترى في ترويج الشائعات الزاحفة والطائرة فرصة لصب مزيد من الزيت على نار الجنوب المشتعلة، وإنما أيضا من جهات إعلامية عربية تتعاطى التهويل الدرامي الانتهازي، لتصفية حسابات سياسية مع الجار القريب من الدار، دون ضبط أمانتها المهنية على موجة الشفافية والمصداقية.
* تعلمت - أو هكذا علموني - أن الخبر فن أخلاقي لا يجوز لأي جهة إعلامية (عاقلة) أن تفرغه من محتواه، ليتماشى مع ميولها وسياستها (الفوضوية)، ومن البديهيات التي يعرفها الصحفي الحاذق والصحفي الخائب على حد سواء أن تجريد الخبر من مفردة (القداسة) وتطعيمه بمفردة (التدنيس) ينطوي على مخاطر (ديماغوجية) تبدأ بهز مصادقية الطرح، وتنتهي بحرائق تأكل الأخلاق والأمم.
* أدري أنه في زمن الفضائيات المفتوحة والمواقع الإلكترونية، لم تعد هناك ضوابط أخلاقية تحترم الخبر وتوثقه وتقدسه كما جاء من المصدر، حيث تقوم هذه القنوات بتحريف وتحوير الخبر وإعادة تدويره بحيث ينسجم مع سياستها الخاصة.
* لكن العتب كله يقع على عاتق قنوات محترفة باعت مهنيتها في سبيل إذكاء نار الخلافات والمكايدات السياسية، حيث تحولت بكل أسف من ناقل للخبر من الأرض إلى صانع له في الفضاء الواسع.
* في كل مرة لا تسلم جرة الأخلاق من الكسر، فمع قنوات (تدبلج) الحدث، ثم تضيف عليه بهارات (فنتازية) من خدع (هوليود) سينمائية، يبدو (الجنوب) فريسة سهلة لكل (خراط) إعلامي يعمل بنظام الدفع المسبق.
* ترى بعض الفضائيات التي لا ذمة لها ولا مبدأ قومي، أن (التكاذب) وسيلة فعالة تجعل من (الجنوب) ملعبا سياسيا ملتهبا، يختلط فيه (حابل) القضية الجنوبية بـ(نابل) جهات خارجية تؤدي دور (العزول) بهدف تحجيم القضية الجنوبية، وحصرها في تسوية داخلية، شأنها شأن (صعدة) أو (زرانيق) تهامة.
* ولأن بعض من يدعون أنهم سياسيون زورا وبهتانا، وقد أخذوا من البقر حليبها وتفكيرها، فسيبقى الوضع في (الجنوب) قابل لسياسة التهويل والتهوين من قنوات فضائية تديرها (عقول) يقفز منها شين (الشر) وشين (الشيطنة).
* أقولها دون وضع اعتبار لأي كيان جنوبي: يلعب الجنوبيون دورا مباشرا في تناسل الأخبار المفبركة التي تباعد بين المكونات الجنوبية، والتي لا تفرق بين الخلاف والاختلاف، بدليل أن الجنوبيين فشلوا في إطلاق قناة فضائية جنوبية تحلق بقضية الشعب لتكون مرجعا أخلاقيا أمام شعب صبر على تلك المكونات صبر أيوب.
* يعلم السياسي المراوغ والسياسي المخادع والسياسي (حق بطنه) أن الحرب النفسية هي التي تنتصر في النهاية، ودائما الحرب النفسية وقودها فضائيات ومواقع تبتكر الشائعات، وبدون قناة فضائية جنوبية تكون لسان الوطن وإذاعة محلية تتحدث بلسان الشعب، ستبقى القضية الجنوبية محلك سر، مجرد مسيرات وهتافات وكلام فارغ لا يقي من برد أو حرارة.
* مكافحة الشائعات الزاحفة والطائرة تحتاج إلى خطاب إعلامي جنوبي يوحد الشارع، ويرفع من منسوب الأمل في نفوس الشعب ويمنع الإعلام (المتغول) من هدم معبد الود والقضية على رؤوس الجنوبيين.
* بالمختصر المفيد، على كل المكونات الجنوبية الفاعلة والخاملة أن تلجأ للفضاء في أسرع وقت ممكن، ما لم فاعلموا أنكم بعد فترة وجيزة لن تجدوا خرم إبرة فضائيا تطلون منها على شعبكم الذي تطعمونه وعودا وأوهاما وسرابا، نعم أيها الكيانات الجنوبية المتخاصمة احذروا زلزلة الشعب الجنوبي، فهي عاتية.