إذا نحينا خطاب الرغبات والحماسة وتعاملنا مع الحقائق ومجريات الواقع كما هي فعلا على الأرض سنجد أن ثمة تحديات كبيرة ماتزال ماثلة في طريق القضية الجنوبية وتطلعات الجنوبيين سواء في تحقيق هدف حق تقرير المصير أو الحرية والاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية .
أول هذه الحقائق هو أن العالم والإقليم والواقع لا يتعامل مع الجنوبيين أو مكوناتهم السياسية كطرف من أطراف الصراع ويبني مواقفه على هذا الأساس في الترتيب لأي مفاوضات رسمية لوقف الحرب .
وثاني هذه الحقائق أن العالم والإقليم يتصرف مع القضية الجنوبية بوصفها إحدى القضايا المجتمعية التي ينبغي حلها ضمن إطار الحوار المجتمعي اليمني مثلها مثل تمكين المرأة والشباب من المشاركة في صنع القرار وقضية المهمشين والعنف الأسري والإرهاب والبطالة وغيرها
وثالث هذه الحقائق أن مجلس الأمن والأمم المتحدة عبر مبعوث الأمين العام قد أقرت مسارين لحل الصراع في اليمن أحدهما مسار رئيس ورسمي هو مسار المفاوضات بين أطراف الصراع الرئيسة ( الشرعية والحوثي والتحالف العربي ) والآخر مسار غير رسمي هو مسار المشاورات مع القوى السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني والمرأة والشباب والنشطاء للاستئناس بآرائهم والاستعانة بهم لدفع وتشجيع أطراف الصراع الرئيسة للتفاوض والاتفاق على إيقاف الحرب والدخول في إجراءات السلام وتتعامل الأمم المتحدة ومبعوثها والدول الكبرى مع المكونات والشخصيات الجنوبية ضمن المسار الثاني .
ورابع هذه الحقائق أن قوى ونخب وشعب الشمال على مختلف توجهاتها وولاءاتها تعرف تماما ماذا يريد ؟ عندما يتعلق الأمر بموضوع الوحدة اليمنية ولهذا فهي موحدة الموقف في هذا الأمر من دون أن تحتاج الى إطار يوحدها بينما يظل الأمر ملتبسا في الجانب الجنوبي بل ويصل في بعض الأحيان الى الانسياق في تعمد بعض القوى والمكونات لإفشال وهدم مساعي بعضها البعض لتشكيل موقف جنوبي موحد من الوحدة يقابل الموقف الموحد للجانب الشمالي .
وخامس هذه الحقائق أن حضور الموقف المعبر عن الشمال وتأثيره في القرار العالمي والإقليمي والأممي مايزال أقوى بكثير من حضور وتأثير الموقف المعبر عن الجنوب وقضيته كما أن ذلك الموقف المعبر عن الشمال مايزال يحظى بهيمنة على التوجهات والأفكار التي تترشح من العالم والإقليم لحل الصراع وقضية الحرب في اليمن .
وفي ظل استمرار هذه التحديات والحقائق فإن القضية الجنوبية ستبقى مفردة ثانوية في أجندة الاهتمام الجدي العالمي والإقليمي ومؤجلة شأنها شأن القضايا المجتمعية الأخرى التي ذكرنا بعضها آنفا وسيظل الهم الأول للعالم والإقليم هو إيجاد تسوية للصراع بين أطرافه الرئيسة : الشرعية والحوثي والتحالف العربي .
ثم ماذا ؟
لاشيء حقيقي سيغير تلك الحقائق ويتجاوز التحديات سوى أن يتوحد الجنوبيون ويفرضون أنفسهم وقضيتهم فرضا كطرف رئيس من أطراف الصراع في اليمن .
*- شبوه برس