قيل إن امرأة في سالف العصور كانت تعيش فقرا مدقعا وتعاني الجوع، وكانت لا تملك من الدنيا غير سوار من ذهب، تحبه كثيرا فلا تستطيع الاستغناء عنه أو تبيعه، وكان لديها (بلحة) نخلة تمر صغيرة بدأت تظهر ثمرها، لذلك كلما اشتد الجوع فيها أسرعت إلى خزنتها تفتش عن سوار الذهب تريد إخراجه لكي تذهب به إلى السوق وتبيعه وتشتري لها الطعام، وبعد أن تخرج السوار من الخزنة تنظر إليه وتنظر إلى النخلة الصغيرة فترى الطلع الصغير بدأ ينمو ويكبر، فتقول لنفسها إذا صبرت فقط أربعين يوما فسوف ينضج التمر وسوف آكل التمر وأحافظ على سواري الذهبي، فترجع إلى بيتها وتخبئ سوارها في الخزنة وتنام وهي جائعة، استمرت في منح نفسها الأمل إلى أن وافتها المنية من شدة الجوع، فخسرت حياتها وسوار الذهبي معاً.
كذلك حالنا نحن شعب الجنوب أصبحنا نتطلع الى آمالنا المشروعة وهي العيش بوطننا بكرامة ونحمل هم بناء الدولة المدنية الحديثة في ظل واقع صعب تحاك ضدنا المؤامرات وتمارس أصناف العذابات باساليب مدروسة ضد شعبنا ونحن صامدون وواقفون بشموخ جبل شمسان، فمثلما تحطمت احلام المستعمرين والمحتلين القدامى من الإنجليز والأتراك والأحباش ستدمر اليوم مؤامرات وكلائهم الجدد لأن الجنوب خط أحمر ولأن عدن مقبرة الغزاة وتاريخ وحضارة متماهية مع الطبيعة الصلبة والمتينة.
نحن شعب جبار وعظيم منحنا كل من يفترض منه أن يقدم شيئاً لنا سواء الاشقاء او الاصدقاء فرصا كثيرة كي يفعلوا شيئا فلم يفعلوا. صحيح ان لدينا شراكة مع أشقائنا وهم غالين علينا كثيرا ونتطلع الى شراكة استراتيجية مستقبلية معهم، لكننا لن نموت من الجوع في بيوتنا من أجل هذه الشراكة، ولن نبني على آمال مع الأشقاء ونحن جالسون في بيوتنا، سنقيم الأعمال وليس النوايا والآمال ونواكب التطورات الحاصلة في المنطقة والعالم وسنعطي لعواطفنا إجازة، ولن ننتظر حتى يأتي الإمام المنتظر كي يعيد لنا دولتنا ويحكم بالعدل والمساواة ويملأ الجنوب قسطا وعدلا.
اتفق تماما مع من يقول إن الأمل شيء جميل بالحياة وشعاع يضيء لنا في نفق المستقبل والأمل يعبر عن رغبة الشخص في التغيير باي طريقة، الامر الذي قد يجعل من حامل الامال ان يقبل بتجربة اساليب وطرائق من غير تفكير معمق ربما لا تكون مجدية في حل المشاكل التي يعاني منها. كما لا ننسى بأن الجوع كافر مهما كانت الوعود ومهما كانت الخطط والبرامج المستقبلية كلها ستختفي أمام غضب الشعب الجائع، وما يحز في الخاطر ويشعل واقده أن معاناة الشعب مفتعلة ومسيسة الغرض منها ترويض الشعب وتركيعه لكي يقبل بالمشاريع اليمنية التي تستهدف القضية الجنوبية والهوية الجنوبية.
نثق تماما بالخطوات المدروسة التي يقوم بها الانتقالي الجنوبي، ونتفهم ضرورة التماشي مع الوضع السياسي العام الاقليمي والدولي، وهذا الدور لا يعفيهم من واجبهم في نقل معاناة الشعب ووضعها في أولى اهتماماتهم والتنسيق مع التحالف العربي لرفعها وإيجاد الحلول العاجلة لها.
إن انتظار حكومة الشرعية أن تحكم بالقسط هو هروب الى الأمام، ومطالبة دول التحالف العربي بتسليمنا دولتنا هو هروب أيضا، لذلك يجب أن نعتمد على التغيير من الداخل ونتحمل مسؤولياتنا، فإن أخطأنا نعترف ونعمل على تصحيح الخطأ، وإن أصبنا نكون قد تقدمنا خطوة في الاتجاه الصحيح.
فلنغادر آمالنا وأحلامنا المميتة، ونترك الاتكال على الآخرين بمساعدتنا، ونتعامل مع واقعنا الذي نعيشه فعلا، إن أردنا أن نصنع الحياة الكريمة لنا، والمستقبل المشرق لأجيالنا الصاعدة، ولا نتزاحف على أمل لا ندري متى وأين يتحقق، فبعض الآمال قد تكون حاملة فيها الموت لنا.