لو فرضنا جدلاً القبول بالتشكيك وكل ما هنالك من إساءات بحق الانتقالي الجنوبي.. فما هي البدائل التي يمكن المراهنة عليها في تمثيل الجنوب وتحقيق العدل تجاه قضيته الأساسية المتمثلة باستعادة دولته سبيلا نحو تحقيق إرادة أبنائه بعد سنوات القهر والمعاناة بكل ما لازمتها من مظالم وفوضى وعدم استقرار وتدمير كافة المقومات، الأمر الذي ولد صحوة جنوبية اقترنت بتضحيات جسيمة ولا يمكنها أن تنكفئ بعد كل ذلك إرضاء لبعض الرغبات والأجندة السياسية التي لا تعبر عنها تطلعات شعبنا ولا تتصل بثورته، وهي أجندة غالبا ما تكون على النقيض معه.. بمعنى أدق، البديل هو ارتقاء القضية الجنوبية في ردهة التباينات واللعب السياسي، إن لم يكن المكر بعينه، حتى أنها تمثل في المحافل الدولية ممن لا صلة لهم بنضالات شعبنا.
ثم إن البديل الأدهى والأمر أن يأتي في خضم هذا التخبط من يريد العودة بنا إلى مربع المعاناة الأولى تحت مسميات هي في جوهرها أشد وأنكى من كارثة الوحدة الاندماجية التي دفع شعبنا جراءها كل هذا العناء والتضحية.. لهذا نجد حالات تكالب قصوى وهجمات إعلامية واسعة النطاق في الإساءة للانتقالي، لا من منظور أن هذا الكيان لا يقدم شيئا للجنوب، بل يحاول البعض أن يظهر أن هذا الكيان الجنوبي هو الشر المستطير إذا ما مثل حاملا سياسيا لقضيتنا، حتى إن فكرة أي توافق جنوبي باتجاه وحدة الصف يقابل بكمٍّ من الأقاويل والدعايات المغرضة والتشويه حتى لا يكون ذلك في الواقع ممكناً، ما يعني أن على أبناء الجنوب اليقظة والتنبه لما يجري، وعدم السماح بارتكاب حماقة أخرى بحق أهلنا وشعبنا.
والسبيل الأمثل في هذه الأوقات المفصلية عدم إعطاء الفرصة بخلق تباينات جنوبية لأنها شديدة الضرر بقضيتنا.
ووفق معطيات سنوات مضت نجد أن البناء على الانتقالي هو الطريق الأمثل طالما وهو يحمل في برامجه وأدبياته ونهج وثائقه المعلنة روح وجوهر قضيتنا، آخذين في الاعتبار بواعث العداء السافر الذي يبديه البعض ضد الانتقالي الذي لم يكن مقصوداً منه سوى الجنوب، ووضع كافة العراقيل في طريق قواه الحية التي استطاعت أن تخرج من نطاق المغالطات والتعتيم وتبادل أدوار الظلم بشعبنا إلى الحضور العلني الفاعل عبر من يمثلوان هذا الحق.
بمعنى أن تعاطفنا مع المجلس الانتقالي لا يأتي من منظور عقائدي أو قبلي متعصب، لكنها الضرورة التي تفرض على الجنوب أن يكون لديه من يمثله ولا يقبل بعودته بأي حال إلى جوف المأساة التي نرزح تحت ثقلها كل هذه العقود.
دعونا من التفكير بالعواطف أو الانجرار إلى منظور أن هذا الشخص أو ذلك من انحدارنا القبلي، فكل هذا لا يعبر عن ولائنا للجنوب.
وتكرار الخطأ بخطأ آخر مماثل للوحدة الاندماجية كارثي بلا شك، ولا يمكننا أن نتخيل الأثمان الباهضة لخطأ من هذا النوع، بعد كل ما حدث وصار على أرضنا، في حين أن أي مآخذ على هذا الكيان الجنوبي ينبغي أن تأخذ طبيعة الصعوبات والتحديات وشدة الخصوم التي يواجهها، ناهيك عن طبيعة الظروف والتعقيدات الإقليمية والدولية المحيطة والتي من الصعب تجاوزها، والتنظير ربما يكون شيئاً ممكناً لدى البعض إلا أن الأمور في نطاقها العملي ليست بتلك السهولة واليسر.. فدعونا ممن يطلقون الكلام على عواهنه، فمثلهم لا يحملون بشائر خير لشعبنا.