بعد ان تخلصت عدن والمحافظات المحررة من مآسي الحرب، حلم أبناؤها بعودة الاستقرار والأمن إلى مناطقهم ومدنهم، فلم يتحقق لهم ذلك، ووجدوا أنفسهم في نفق الانفلات الأمني فانتشرت جرائم القتل والتصفيات الجسدية، وطالت قيادات أمنية ورجال دين وجنود ومواطنين، ورغم محاولة السلطة فرض الأمن وقيامها بمحاربة قوى الإرهاب إلا أنها لم تتمكن من القضاء التام على مثيري الرعب وعلى خاطفي الابتسامة من الوجوه والسكينة من النفوس.
وبالرغم من التقدم الذي أحرزته الأجهزة الأمنية بالقبض على بعض العصابات والأفراد المطلوبين، وكل ما تحقق وما بذلته الأجهزة الامنية لبسط الأمن إلا أننا نجد الحالة الأمنية غير مستقرة ولم تصل للقدر المأمول واللازم لحماية أرواح المواطنين والحفاظ على سكينتهم، وصون ممتلكاتهم.
لقد اغتيل خلال اليومين الماضيين مدير قسم شرطة مدينة الشعب وضاح الجهوري ومعه مرافقه، فالقيادة الأمنية لم تسلم من عبث الإجرام، فما بال المواطن الأعزل، فمن الخطأ السماح باستمرار ظاهرة امتشاق السلاح الناري في الشوارع والأسواق من قبل العسكري والمدني، وإطلاق النار في الهواء، فذلك عكس صورة واضحة عن ضعف الأمن، حتى أن الصمت خلق حالة تمادي واستهتار بالأمن والسكينة، فبلغ أن يرمي مواطن قنبلة صوتية في موكب عرس لكي يهز الموكب ويثير الرعب، معتقدا بأن أزيز الرصاص تعود عليه الناس ولم يعد يثير الهلع! لا أدري هل حضر للمشاركة بالفرح وصنع الابتسامة أم جاء لمشاهدة فيلم رعب يختلط فيه الصراخ بالدموع؟!
حسب تقديري، أول خطوة في طريق فرض الأمن وتعزيز قدراته هو الحظر الشامل لحمل الأسلحة النارية ومنع إطلاق النار ومحاسبة فورية لكل من يخل بهذا، وانضواء جميع الأجهزة الأمنية تحت قيادة وزارة الداخلية، فتشتت الوحدات الأمنية قد خلق ازدواجا في أداء مهامهم، ومنع توحيد الجهود وأعاق زرع روح التعاون والتنسيق فيما بينهم، بل خلق أيضا حالة من التنافس السلبي والذي قد يتسبب بالضرر على المواطن، كما حدث خلال الأيام القليلة الماضية للصحفي فتحي بن لزرق من تصرف استفزازي وخطير قام به بعض رجال الأمن، وما يحدث في مراكز الشرطة من تعسف وظلم في بعض قضايا المواطنين.
إن لم تتوحد كافة قوى الأمن تحت هدف حماية أمن الوطن وسلامة المواطن ستظل القدرات الأمنية ضعيفة والانفلات الأمني قائما، وهيبة الأمن مفقودة، وذلك يؤثر سلبا على هيبة الدولة.
*- بقلم : عبدالله ناصر العولقي