الحرب الدائرة اليوم ستفرز واقعا جديدا بدعم إقليمي ودولي للجنوب واليمن والمنطقة ، في اليمن قوتان لا مثيل لهما ولن تحل أي قوة مكانهما ، قوة صالح انتهت وانتهى جبروته وغطرسته وفتكه وعبثه بمقدرات وخيرات الوطن حد أن أصبح الشعب يهان في كل بقاع الأرض ، آخر صراخ صالح بوجه السعودية : " معانا مخزون يعجبك وكررها أكثر من مره .. يعجبك .. " ، بعد أن قُتل صالح عفاش صدح أبو علي الحاكم وهو رجل الاستخبارات العسكرية التابع للحوثيين في جمع من مشايخ اليمن وقال " اليمن ليست ملك أبوه " ، لا قوة بعد الحوثيين في اليمن إن سقطت قوتهم كما سقطت قوة صالح .
عمق الإشكال هي النظرة الدونية للجنوب وشعبه من قبل اليمنيين حد هذه اللحظة ، الأزمة توسعت ، والحرب طاحنة دمرت كثير من الأشياء الثمينة ، التعاطي أللا أخلاقي للسياسيين الشماليين مع قضية الجنوب وشعبة وسعت الجرح وزادت من الألم ، وثيقة العهد والاتفاق تبول عليها صالح عفاش وحشد الشمال لقتل الجنوبيين واستعبادهم ، تم تقسيم الجنوب لزعامات الشمال القبلية والعسكرية والسياسية والأسرية وبنيت القصور والكوبريات والجسور وكبرى الشركات في صنعاء ، تم توظيف الغلبة والقوة العسكرية في تسجيل ماركات تجارية عالمية وفتح البنوك و الاعفاء الضريبي والجمركي لشماليين ،،،، الأمر يطول من نهب للنفط والذهب والغاز وللمؤسسات الجنوبية ، ازداد عدد المليارديرات و أصبح الشمال يستوطن الجنوب ومالكه المشرعن بقوة السلاح .
الشعب هناك لم يستيقظ بعد من سبات استعباده ، للقبيلة دور بارز في تسييره ، خرجت الملايين لسماع خطابات صالح عفاش وصفقت ورقصت له كثيرا ، هي نفسها خرجت أيضا لرئيسها الصماد و صفقت ورقصت له ، وسترقص للمشاط أو القادم بعد إسقاط هذا الأخير ، نفس المخزون البشري الذي تركه صالح عفاش بعيدا عن العلم والمدنية وتغيب الوعي استخدمه الحوثيين في قتالهم اليوم ، كل الأساليب تم توظيفها بحق هؤلاء البشر ، واقعا استبعدوا عن حاجتهم الحقيقية للحياة ، مناطق بعينها مخزون لا ينضب للقتال والقتل اللامتوقف .
أن تجد الجنوبيين يقاتلون في تعز وصعده والحديدة وفي كل السواحل واليابسة اليمنية ويغرسون عليها أعلام دولتهم الجنوبية المغتصبة المنهوبة يثير الدهشة وحري دراسة أسباب هذا الفعل ، ابسط تفسير لهذا الأمر أن يرى العالم حجم الألم الذي تجرعه الجنوب وشعبه من اليمنيين ، وان في الجنوب قوة بشرية طموحه لإحقاق حقها الوطني على ترابها إذا توفرت لها عوامل القوة ، الحقيقة أن هناك شعبين وارضين وهويتين وثقافتين لن تتعايش بالمطلق ، الجنوبيين لا يقاتلون تحت راية الجمهورية اليمنية ، وليس للسيادة هناك على ارض اليمن ، ولا يستلهمون قتالهم الشرس الذي قلب موازين قوة صنعاء من مضامين وتطلعات الشرعية ، ولا يدينون الولاء لرأس الشرعية هادي ، ولا يعترفون برأس حكومة هادي بن دغر ، ولهم دم غزير في عنق محسن الأحمر وطارق واحمد عفاش ، وسجل طويل من الويلات والعذاب والدم اقترفتها بحقهم قيادات عسكرية وسياسية ومدنية يمنية ، لقد أهان كل هؤلاء الجنوب ارض وإنسان ، هذه هي الحقيقة على الأرض و يعلمها القاصي والداني والجاهل قبل العاقل .
رهان الشمال في بقاء الجنوب تحت قبضته استنادا واستحالة توحد الجنوبيين هذا الأمر يعد إستجرار لسياسة صالح عفاش الذي أوصلته لنهايته الكارثة ، تحييد الجنوب و إضعافه و إفراغ مضمون قضية شعبه عبر طاولة الشمال السياسية التي طبخ عليها بخبث ولؤم هذا الفعل أرهق الجنوبيين إلا انه لم يرسم بالمطلق استقرارا حقيقيا لليمن .
عندما يسأل أكاديمي يمني بنوع من التهكم لمن سيكون الجنوب ؟! يكون بذلك قد استشعر اليمنيين حقيقة وواقعا أن الجنوب في حل منهم طال الأمر أم قصر ، الإقليم و العالم أدرك العوامل المعززة للاستقرار في المنطقة ، و أن الحرب التي شنت من صعده إلى عدن كانت حقيقة ترسم واقعا جديدا خطيرا مخيفا ، و يجب التعاطي معه بحكمه ، بداية الأمر تهشيم حد إضعاف هذه القوة التي فرضت إذلال مفرط للجميع ، ونهاية الأمر تأصيل واقعا سليما غير قابل للنقض أو الفوضى أو علوا طرف بالحرب على الأخر مجددا ، و أساس هذا الأمر أن يكون الجنوب لشعبه استنادا للتاريخ والجغرافيا والقانون والهوية والأخلاق و إيقاف الصراع والاستقرار الأمثل للداخل والمنطقة .