الخطأ القاتل الذي أودى بمملكة اليمن وجعله متخلفا..

2018-04-22 13:27

 

السياسة الدولية منذ مابعد الحرب الكونية اخذت طابع مغاير لما كان قبلها عنوانه السباق على نفوذ وليس الاحتلال في بلدان العالم الثالث وتعمق بعد الحرب الكونية الثانية ..لقد كان حظ الامام يحيى حميد الدين جيدا عندما حصل على استقلال بلاده المملكة المتوكلية الهاشمية في 2 نوفمبر1918 وفق اتفاقيات 18 اكتوبر 1917م المسماه معاهدة مدروس وكان هذا الاسم مألوفا ومعمولا به في ثقافة وحضارات الجزيرة والخليج تسمية البلد على نفس اسم الأسرة الحاكمة .. لكن خضوع الامام لاستشارات خاطئة جعلته يستبدل الاسم رفيع النسب الهاشمي باليمنية متطلعا الى اعادة احياء الخلافة الاسلامية في تنافس غير مجدي مع الملك السعودي عبدالعزيز ال سعود الذي اخذ على عاتقه مهمة الاضطلاع بتحقيق الوحدة العربية التي لم يسعف الحظ شريف الحجاز بتحقيقها في الثورة العربية الكبرى التي اطلقها مع اندلاع الحرب الكونية الاولى ضد الاحتلال التركي الذي سيطر عليه الدونمة .

 

لم يكن من زينوا للامام يحيى حميد الدين وهو العالم والذكي رغم عدم اكتمال شروط الزيدية فيه مخلصين للأمام ولما اسموه بمملكة اليمن.. ولأن التسمية جهوية تضم عدة دويلات منها ال عائض في عسير الذي توحدوا مع بن سعود والادريسي في تهامة واقليم الجند وسلطنات وامارات الجنوب العربي وسلطنة عمان ومسقط وظفار وامارات العرب المتصالحة الخليجية.. وهكذا سجل التاريخ دعاوي الأمام ومن يشيروا عليه - غالبا دونمة- اول حرب بين مملكة اليمن ومملكة السعودية حول تلك الدعاوي الزائفة انتهت بمعاهدة الطائف 1934 بين اليمن والسعودية ثم تعميد معاهدة الحدود بين اليمن والجنوب العربي الموقعة عام 1903 مع امارة الضالع الجنوبية ولاحقا مع كافة امارة وسلطنات الجنوب بعدها عام 1914 تم تعميد تلك المعاهدات التي رسمت الحدود مع مملكة اليمن المستقلة عام 1934م .

 

لاشك ان الأمام يحيى بدهائه قد ادرك خطورة ما اقدم عليه بتغيير اسم الهاشمية الى اليمنية بجهويتها الكبيرة لهذا حاول انقاذ مايمكن انقاذه بتوقيع معاهدتي الحدود مع السعودية ومع الجنوب وحصل على اعتراف رسمي بهويته اليمنية بحدودها المعروفة تلك لكن القطار تحرك ومن ارتكب الخطأ فسيدفع ثمنه او سيدفعه ورثته من بعده فكان انقلاب 1948م الذي قاده الاخوان في صنعاء وادى الى مقتل الامام نفسه لينهض -ولي عهده وهو منصب ليس مشروطا في المذهب الزيدي- احمد الجني واستعاد صنعاء من الاخوان بعد شهر ونيفا من سيطرتهم عليها..

ولأن الامام احمد قد ادرك الواقع المستحيل اختراقه شمالا باتجاه السعودية لكن كان يحاول بدهاء استثماره لصالحه عن طريق خطط استراتيجية متوسطة وبعيدة المدى وكان اختياره تعز لتكون عاصمته وتوظيف قدراته نحو الجنوب العربي والوجود البريطاني الموجود فيه وباستشارات تجارية وثقافية نسق مايسمى بالاختراق الناعم للجنوب لكن الامام احمد ليس هو الوجه الجاذب لتنفيذ الخطة التي انتقلت الى اطراف اخرى فكان التخلص من نظامه بعد موته باسبوع في انقلاب 26/9/1962 وهكذا جنت على نفسها براقش ولكن اختراقها حقق بعض اهدافه باعاقة الجنوب العربي عن بناء دولته واعاقته في النهوض بواجبه العربي والاسلامي والانساني لكن ايضا جعل جمهورية اليمن مثل مملكته نقطة ارتكاز الصراعات الاقليمية والدولية ولم يعد في اليمن امام بمثل فهم الامام يحيى ولم يعد فيه راشد قوم والجنوب العربي قد نكبوه وكلاهما امسى في الهواء سواء تحت حكم عصابات متنفذة لاتخاف الله وتلهث خلف جمع الاموال باي وسيلة ومن اي مصدر.

 

الباحث/علي محمد السليماني

20 ابريل2018م