مخاوف جنوبية من نافذة مفلحية

2012-10-06 18:04

مخاوف جنوبية من نافذة مفلحية

 

نجيب محمد يابلي

هذا الظرف.. هذا المنعطف الذي يمر فيه الجنوب الغالي يكتنفه الحرج والقلق والخوف والغموض، أرى أيادي سبأ قد تفرقت وأرى وأرى الدكتاتور صالح غير مكترث بالجنوب والجنوبيين لأنه يقول بالحرف: لا خوف من الجنوبيين، ومتى رأيناهم في طاولة واحدة؟، ولكل حادث حديث آنذاك.

هناك ثمانية مكونات في الجنوب ومكونان جنوبيان في صنعاء فعلام كل هذا التشرذم، نرى بوسنة وهرسك في الجنوب ولا نرى علي عزت بيجوفتش، نرى القوى المتنفذة (علي عبدالله وعلي محسن وحميد الأحمر) وهي تعيث في الجنوب فسادا وإرهابا من خلال عناصر تشتغل لحسابها، وبلغت عربدة تلك العناصر في شهر رمضان المنصرم الذي أريقت فيه دماء المسلمين وأزهقت أرواح أبرياء آخرهم في آخر يوم من أيام رمضان، حيث سقط 16 شهيدا وبعضهم فاضت روحه والقرآن في يده.

تريد قوى النفوذ والاستبداد والاستئثار أن تشوه صورة الجنوب أمام العالم، مع أن المخطط رسمه وموله المتنفذون من القبيلة المتنفذة التي تعتبر نفسها الوريث الشرعي لحكم الإمامة، والشواهد على ذلك لا حصر لها.

إخواننا في الجنوب عازفون عن تقديم قراءة تاريخية بموضوعية محايدة لما حدث في الجنوب منذ 6 نوفمبر 1967م، لا لشيء وإنما ليضعوا أصابعهم على الجروح جروح تجربة الحكم وتجربة الحزب وتجربة القوات المسلحة وأثر ذلك على كل المراحل والمنعطفات.

نريد أن نقول فقط تلكم كانت أخطاءنا وتلكم هي الدروس التي خرجنا بها.

شاءت الصدفة أن ألتقي بأصدقاء في مجلس قات، وراح الأصدقاء يروون بمرارة ما حدث لهم وما حدث للبلاد والعباد، ومنهم من تطرق إلى الأسباب التي جعلتنا نخسر حرب صيف 1994م مع أن سلاح القوات البرية والبحرية والجوية لليمن الديمقراطية وموردها البشري في القوات المسلحة كانت أفضل بكثير من الشريك  الشمالي في صفقة 30 نوفمبر 1989م المشبوهة ودخول النفق المظلم في 22 مايو 1990م.

توجت الأخت نادية مفلحي، شقيقة المناضل الوطني المغفور له بإذن الله خالد أحمد سعيد مفلحي (وكانت الأخت نادية رفيقته في مرحلة الكفاح الوطني وأقرب الناس إلى قلبه) - تلك اللقاءات عبر الأثير عندما حدثتني عن المتاعب التي واجهتها من المجاميع التي حشرت في الأشكال النضالية عامة والمنظمة القاعدية خاصة على الرغم من تسليمها بوجود أخيار، سواء في القيادة أو القاعدة.

ثم تحدثت عن واقعة مغادرتها عدن في طريق عودتها إلى بلد الاغتراب الجغرافي، وحدثتني بعد ذلك عن المتاعب التي واجهها زوجها همام والذي كان مديرا عاما لمصنع الدباغة بعدن، وكان الرجل أهلا لتلك الوظيفة بحكم مؤهلاته العالية وخبرته وتعامله المسؤول مع الموارد البشرية والمادية، وخسرته البلاد. وأعرف مئات الحالات لأبناء الجنوب عامة وأبناء عدن خاصة من الذين استقروا في نيوزلندا وأستراليا والولايات المتحدة وكندا ودول غرب أوربا ودول الخليج.. لقد كانوا ضحايا التطفيش.

نريد أن نعرف أين نحن وماذا نريد وما هي مصادر الأجندات التي يعملون بها؟ هل سنكرر أخطاء الماضي؟ ولا يعني أن الآخرين من غير الاشتراكي سيكونون بمأمن من أذاهم لأن الأمر مرتبط بثقافة وسلوك وتربية القادمين، ولأن واقع البلاد والعباد خلال الفترة من 1990م حتى الآن تعرضت لتلوث كبير، وكل شيء أصبح (بيزنس) حتى اللحية دخلت الميدان بقوة.

ما يعنيني هنا هو سلامة الجنوب والجنوبيين، لأنهم أصحاب قضية أصحاب أرض أصحاب ثروة، العالم يريدهم وهم لا يريدون العالم.. اللهم لا شماتة!!.