* يعيش المواطن اليمني (شمالا وجنوبا) أياما سوداء، لم ير لها مثيلا، على مدار التاريخ المعاصر.
* ( الريال) اليمني راكبه مليون عفريت، يبدو أنه تضامن مع المستوى المعيشي للمواطن المطحون، وقرر أن يشاركه رقصة الموت في قعر معاناته.
* أصبح هبوط (الريال) إلى سفح المظاليم، على لسان كل الناس، الموظفين والذين طلعوا على المعاش، وحتى النائمين في حضن البطالة.
* ووسط هذه (الهوجة) غير المعقولة، والغلاء الفاحش الذي جعل من شراء كيلو سمك حلما ورديا، ترى كيف تتعامل الأسرة مع فلوس زهيدة تتبخر بنفس سرعة مجيئها؟.
* هذا الأسبوع عجزت (بجلالة قدري) عن شراء (دجاجة) لزوم يوم الجمعة، وسألت نفسي أمام البائع: ترى ماذا يفعل المواطن المسكين (خالي شغل)..؟ وكيف يطعم رب الأسرة أولاده، وهو موظف بسيط راتبه لا يتجاوز الخمسين ألف ريال في أحسن الأحوال..؟.
* التقيت في (عدن) طفلا لم يذهب للمدرسة، سألته وهو يبيع (بالونات): لماذا تغيبت عن المدرسة، مستقبلك أهم من بيع (البالونات)..؟
* كان جوابه لي مفاجئا ومفحما: أيش من دراسة يا (عمو)، خلنا نلقط رزقنا، الدراسة لمن معهم (زلط)، أما أنا (ما قدرش) والدي على شراء شنطة ودفاتر، شكلك عايش في عالم ثاني، بالله عليك من فين يجيب والدي مصاريف الدراسة، إذا كان سعر (الجونية) الرز اليوم خمسين ألف، وراتب والدي لا يساوي كيس سكر؟ ما معنا إلا نشقى و(نتقرص) على بطوننا، اشتر مني (زماطة)، ولا خلي لي حالي، قلك دراسة..!.
* ما نخشاه، وسط موجة الغلاء وانسداد أفق (التواصي بالمرحمة) أن تقتفي الحكومة أثر (حومل)، وهي تجويع الشعب حتى تدفعه إلى أكل لحمه، أو المتاجرة بعضو من أعضائه.
* هل تتذكرون (حومل)..؟ إنها المرأة العربية البخيلة التي كانت تجوّع (كلبة) لها، تربطها آناء الليل للحراسة، وتطردها أطراف النهار، و تقول لها بوحشية: هيا أيتها (الكلبة) الكسولة التمسي لنفسك لا ملتمس لك، فلما طال ذلك على (الكلبة) المسكينة أكلت ذنبها من شدة الجوع.
* في هذه البلاد التي لا ضابط لها ولا رادع، يقيم ولاة الأمر في الحكومة حفلات صاخبة تصرف فيها الملايين من الريالات، فيما الشعب الغلبان يتضور جوعا، ويفتش عن رمق الحياة بين فضلات هؤلاء السياسيين الدجالين والمنافقين.
* حسبي أن مسؤولي هذا البلد لا علاقة لهم بالاستقامة والأمانة التي اشتكت منها الجبال، لم يصلهم نبأ الفاروق (عمر بن الخطاب) رضي الله عنه، الذي رفض كساء الكعبة بالحرير الفاخر، معللا إحجامه عن الكسوة بأن (بطون) المسلمين أولى.
* ومن باب التواصي بالصبر والتواصي بالحق، نلفت نظر الفرقاء السياسيين الهاربين من جحيم الغلاء إلى نعيم (المغرب والمشرق) أن الرهان على ورقة (تجويع) الشعب رهان خاسر، جربه من هو أكثر دموية منهم وفشل، (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).
* وﻷن الجوع كافر، كما قال (العربان) الذين ذكرهم (فريد الأطرش) في (بساط الريح)، فمن الحكمة أن تنتصر الحكومة للجياع، وتلغي من فلسفتها اعتباره حطبا لمعركة سياسية خالية من (يود) الإنسانية. تنبهوا يا فرسان الأزمات أن كوكب الشرق (أم كلثوم) قالت: للصبر (نفسه) حدود..!.