حروبنا قطع أعناق وأرزق

2018-02-05 16:51

 

كانت العرب في العهود الموغلة بجاهليتها ، كانت تحترتب ورغم شراسة تلك الحروب فلقد كانت العرب تجنح الى الحكمة والتعقل والرشد. فالحروب مواسم وللتجارة والزراعة والتسوق أشهرها الحرم . فكانوا خير من يحفظ العهد ويقبل بالخصم في دياره في اشهر السلام فلا تسفك الدماء ولا تروع الناس في مواسم حجها وتسوقها وتجارتها.

 

في احد الحروب التي دارت بين قبائل اليونان ، تمركزت فرق محاربة في جبل كان قد شيد عليه معبد عظيم يسمى - الاكروبوليس- ولقد تم حصار مجموعة كبيرة من المتحاربين في  هضبة شيد عليها ذلك المعبد المهيب ،  وبسبب الحصار استهلك المحاصرون كل الكميات من مخزون -الرصاص- التي كانوا يصنعون منها رؤوس سهامهم .

 

فطن المحاصرون الى ان المعبد يحتوي على كمية هائلة من الرصاص المذاب بين احجار البناء لتمنحه الثبات والصمود امام الزلازل ، فبداء المحاصرون في نزع احجار المعبد واستخلاص الرصاص وإذابته لصنع رؤوس السهام بل والرماح .

 

 تنبه الخصوم الى كارثة هذا العمل التخريبي ، وتوصل الخصوم مع المحاصرين الى اتفاق ان يمدوا خصومهم المحاصرين  بخام الرصاص على ان لا ينزعوا الرصاص من بين احجار المعبد فيتدمر احد أهم معابد اليونان واعظمها، على ان  تستمر الحرب  بينهم  دون المساس بتلك المعابد  .

 

وافق المحاصرون،  وتسلموا كميات كافية من الرصاص واستمرت الحرب دون ان يتعرض المعبد للتدمير،حتى وصلوا الى أتفاق سلام بين المتحاربين .

 

قلت هذا وانا اعلم ان مشروع الغاز في - بلحاف- الذي وصلت تكلفته الى 5 مليار دولار وتبنته الشركة الفرنسية - توتال-  هو من اهم المشاريع التي تشكل عوائدها أنقاذا من المجاعات في  اليمن التي دمرت الحرب فيها كل شيء، فلقد اوغلت هذه الحرب في شرورها فاصابت الإنسان بكل ويلاتها وجنونها وعدمياتها .

 

 إن مشروع  تسييل الغاز يمكن له ان يعمل حتى ضمن ظروف الحرب البائسة  ،  بشرط ان نتفق على ان نحيد مناطق الانتاج وخط الأنابيب بل وموقع التسييل والتصدير في ميناء بلحاف .

 

هناك أيضا حقول نفطية في مارب وفي المسيلة وفي شبوة،  يمكن لها ان تعاود الأنتاج، في ظل تحسن اسعار النفط ورغم جوائح الحرب ، فلا ينبغي ان ننساق الى التوحشات والعدمية واهلاك الزرع والضرع .

 

صحيح اننا فقدنا كل ذرة منطق في هذه الحرب المتوحشة،  وان حربنا صرعت عقولنا قبل ان تصرع أروحنا ، فليس من العقل ان نتحارب في المدن والقرى وندمر البيوت على سكانها ونحيلها الى مدن اشباح بل وان نغلق شريان حياتنا الأقتصادي ونحرم الشعب من عوائد مالية  مهمة  في مشاريع الغاز والبترول.

 

فاروق المفلحي – كندا