* لست في فراسة وعبقرية ( آدم سميث)، ولم يسبق لي قراءة كتابه الاقتصادي (ثروة الأمم)، لكن هذا لا يمنع من الخوض في غمار الأزمة الاقتصادية، التي تعصف بالمواطن المطحون، ولو بنظام قطف الكلام..
* الحكومة الفاشلة والمترهلة سلوكا وعملا، هي التي تترك حبل الاقتصاد على غارب (الاعتصاد)، وهي التي تغطي عورة أفعالها بظاهرة (تعويم) العملة، وقذفها إلى قعر جشع تجار العرض والطلب، الأمر الذي يفسر إهالة التراب على محفوظات رقة القلب، ولين الفؤاد، وحكمة اليمن الشهيدة..
* أظن أن الحكومة بجلالة قدرها هرولت نحو (تعويم الريال) دون استشارة نظريات (آدم سميث)، ليس هناك سبب منطقي لهذه الظاهرة (التعويمية)، إلا إذا كانت الحكومة تريد أن تثبت للمواطن مبدأ الكر والفر، والاقبال والإدبار، إلى آخر حكاية (امرئ القيس)، مع الجلمود الذي حطه السيل من عل ..
* وقبل أن يقطّب رئيس الحكومة جبينه، أتمنى عليه أن يعي أنني هنا إنما أفسر، ولا أبرر، أقرأ الصورة (الريالية) كما هي، دونما قفز على التعددية الأخلاقية التي يجب أن تسود، والأمم كما تعرفون أخلاق ما بقيت..
* وما يقطع القلب أن تدهور (الريال) اليمني ، وضع الشعب تحت عجلات الغلاء، وهو ما يستدعي ضرورة المعالجة ووضع التدابير، ولكن ليس قبل أن ينتهي العبث والتلاعب وإصلاح مسار الأداء المصرفي، وتحويل الكميات المطبوعة إلى البنك المركزي مباشرة، بما يحول دون مرورها بجمهورية (معاشيق)، حيث يتربص (حمران العيون)..
* تتكاثر محلات الصرافة في (عدن) خارج غرف النوم، كما هو الحال بالبعوض، الأمر الذي يفسر عملية التضارب بالعملة..
* لقد صارت محلات الصرافة أكثر عددا وتعدادا من البقالات والدكاكين، حتى أنك تجد بين كل محل صرافة وآخر، محل صرافة ثالث، وكل محل ينخط نخيط، وهات لك يا ضرب وقسمة وطرح في حق الريال اليمني..
* وفي ظل محافظ بنك عاشق لفنون التزحلق والتزلج على الجليد، من الطبيعي أن يتحول فرسان الحكومة إلى (تجار)، وليس هناك أفضل من محلات صرافة خارج القانون لتبييض الأموال المتدفقة من حنفية بلد بلا حكومة فاعلة ومؤثرة، تحمي المواطن من تركيبة جشع من يرقصون على معاناته..
* في كل دول المعمورة تعتبر العملة (أمن قومي)، خط سيادي أحمر ممنوع المساس بها أو التضارب ببورصتها، وحتى زمن قريب كنا نتهكم على عملة (الصومال)، ونتبادل النكت عن عملة (جيبوتي)، ولم نكن نعلم أن يوما أسود ستأتي فيه حكومة بلا قلب لتعلمنا أن الضحك على عملة الغير (قلة أدب) تستحق العقاب..
* وطالما أن (السياسة) دخلت على المواطن من شباك (جوع كلبك يتبعك)، فالمتوقع أن تستهوي لعبة الكر والفر لاعبي الحكومة، وهذا بالطبع يقودنا إلى التسليم بأن (الوديعة) السعودية لن تصمد في وجه عاصفة (تجار) يديرون الحكومة من (بير السلم)، دون الإشراف عليها، ودون فرض رقابة صارمة للمداخل والمخارج..
* إذا كانت هناك توجهات صادقة للحفاظ على (الريال) من لعبة (التضارب)، فإن هذا لن يتحقق إلا بتجفيف منابع الفساد الحكومي، وقطع وريد وشريان ممولي (دكاكين) الصرافة، وضبط إيقاع العمل الإداري المالي في مختلف مرافق الدولة، مع وضع سياسة اقتصادية مالية مصرفية تحافظ على الاحتياط العام، لأجل خلق توازن مصرفي يجعل (الريال) مستقرا عند الحد المعقول، لمنع التصاعد المهول..
* الاستثمار بقوت المواطن، والعزف على (غريزة) المطاحنات السياسية، لا تقود إلا إلى دهاليز ثورة جياع، والأهم أن تبحث الحكومة عن خيارات تلامس معاناة الناس، فهم ليسوا بحاجة إلى بكائيات حكومية، خصوصا وأن النائحة الثكلى ليست كالنائحة المستأجرة..
* كل المطلوب من الحكومة أن تكون في عون الناس، وأن تبتعد قليلا عن (قرصنة) أوجاع المواطن، فما نعيشه من إنفلات أخلاقي في تحديد منسوب المسؤولية ينذر بكارثة اقتصادية ، قد تدفع الشعب الى (التبري) من الحكومة ، تماما كما تبرأ الغناء من (التمباكي)..!