الحديث عن التصالح والتسامح في هذه المرحلة تحديدا يحمل دلالات ومعاني ذات أهمية كبيرة ، لاسيماء وهناك من يعمل على إثارة الصراعات في المجتمع ، وهو نهج ليس بجديد على المنظومة السياسية والقبلية والثقافي والدينية في صنعاء، لان صراعات الجنوبيين والاستمرار في إذكاء خلافاتهم هي التي مكنت صنعاء وقوى الفساد والاستبداد في الأمس من فرض سيطرتها واستحواذها على ثروات الجنوبيين وحقوقهم.
لقد ادرك الجنوبيون فكرة التصالح والتسامح من وقت بدري ، وهذا يعني أنهم استوعبوا هذه القيمة الاخلاقية والانسانية الرفيعة في حياتهم ، فالتساح والتصالح لا يحققه إلا ناس نبلاء وكرماء وشجعان، يعوا أهمية السلام والتعايش الاجتماعي، ويفهمون معنى الحياة وقوانينها الإنسانية .
وعادة تمر الشعوب والدول والجماعات والأفراد في فترات ومراحل تاريخية عصيبة تنشأ بينهم الصراعات والخلافات، وهي مسألة طبيعية فالتنازع والصراع صفة انسانية ، تعود لعدة أسباب كانت داخلية أو خارجية .
وعليه ان هذه الفكرة في واقعنا الجنوبي لم تكتمل بشكل مضامين مرسومة بخطوات عملية مجسدة على أرض الواقع، وان كان العامة من الناس قد صاروا ملتزمين بها قبل إعلانها .
يمكن القول ان المرحلة الحساسة (الراهنة ) قد كشفت مدى أهمية حاجة الجنوبيين لتجسيد فكرة التسامح والتصالح كعمل وسلوك ثقافي تبرزه طبيعة العلاقات والتفاعل الاجتماعي في الواقع .
إذ لابد أن تستند هذه الفكرة على عاملين ريئسيين هما :
* الاول :
يتعلق بالمجتمع وادراكه لحاجة التصالح والتسامح في هذا الوقت ، ومعرفة مدى تأثير نتائج صراعات الماضي على الحاضر والمستقبل؟ الامر الذي يستدعي قراءتها بموضوعية والكشف عن عمق أسبابها وآثارها وأهمية تجاوزها ...
* العامل الثاني:
يتعلق بكيفية تحويل هذه الفكرة إلى مشروعا ثقافيا جديدا يعزز الثقافة القيمية في المجتمع ، من خلال خطواط إجرائية وأضحة المعالم تنطلق من البعد الثقافي والحقوقي للناس ضمن مشروعاً وطنياً شاملاً يحدد الاستراتيجية والأهداف ويوفر ضمانات عدم العودة إلى صراعات الماضي .. بحيث يتضمن الاعترافات الصريحة بالاخطاء والكشف عن مساراتها ومسبباتها وتاثيراتها المختلفة ، وتحديد التعويضات للضحايا اكان معنويا أو ماديا.