مثل الحراك الجنوبي السلمي ثورة متميزة عن سابقاتها في المنطقة، والتي كانت تسعى لتحقيق ذات أهداف الحراك والمتمثلة في الحرية والاستقلال وعودة سيادة بلدانها إلى أيدي أبنائها.
ولقد استثنى الحراك الجنوبي، منذ بدايته، الكفاح المسلح، مستوعباً بذلك ظروفاً ذاتية وموضوعية كان لزاماً عليه أخذ ها بعين الاعتبار حتى لا يصطدم بواقع محلي، بالكاد التأمت جروحه، وموقف عالمي مفروض من قبل الدولة العظمى التي انفردت بالهيمنة على العالم بعد انهيار المعسكر الاشتراكي، وترفض العنف كوسيلة لتحقيق المطالب، مشروعة كانت أم غير مشروعة، بالرغم من أن ميثاق الأمم المتحدة يقر الكفاح المسلح كوسيلة من الوسائل التي يحق للشعوب الواقعة تحت نير الاحتلال استخدامها للتخلص من براثنه.
كانت المبادئ التي قام على أساسها الحراك الجنوبي وتمسك بها طوال مسيرته النضالية هي التصالح والتسامح الجنوبي وتحريم دماء الجنوبيين على بعضهم البعض، وعمل على تجسيدها على أرض الواقع، قولا وعملاً.
لقد قدم الحراك الجنوبي، ومن دون منة، التنازلات للجنوبيين، بصرف النظر عن انتماءاتهم ومواقفهم السابقة من القضية التي حملها وقدم من أجلها التضحيات الجسيمة، معتبراً ذلك واجباً مُستَحَقاً عليه كطليعة لنضال الجماهير الجنوبية.
ويأتي تشكيل المجلس الانتقالي ليجسد، هو الآخر، روح التصالح والتسامح، فقد استوعبت تشكيلته أعضاءً من مختلف ألوان الطيف السياسي الجنوبي، ممن اقتنعوا بالقضية العادلة التي يحملها والحل الذي يطرحه لها، ويعض عليه بالنواجذ .
لم يقصي المجلس الانتقالي أي جنوبي بسبب انتمائه السياسي إلا أولئك الذين لا يزالون يراهنون على عودة الجنو ب، مرة أخرى، لحكم باب اليمن.
وعلى هذا الأساس فإن وجود المجلس الانتقالي كان ضرورة ملحة في هذه المرحلة الصعبة والمعقدة، وذلك لاستكمال مهام مرحلة نضال جماهير الحراك بشقيه؛ السلمي والمسلح. فالجنوب، في رأينا، لن يعود سالماً ومعافىً إلا باقتناع كل من يعيش على أرضه و ينتمي إليه بأن خلاصهم من ظلم الغير لهم ونهبه لأرضهم ومقدرات بلادهم يكمن فقط في استعادة سيادته، كما أن بناء دولته الحرة المستقلة والديمقراطية على كامل ترابه، يتطلب تضافر جهود وطاقات كل أبنائه.
إن أجمل وأهم ما فعله المجلس الانتقالي هو دفنه الماضي الأليم والغير مأسوف عليه، وبدئه لصفحة جديدة في تاريخ الجنوب يدون فيها المتصالحون والمتسامحون محبتهم ومودتهم لبعضهم البعض، ولوطنهم الغالي (الجنوب العربي)، ويبنون للأجيال الجنوبية القادمة الغد المشرق و الزاهر الذي يرجونه لهم.
*- حسن علي حسن عبد الرب - الحوطة لحج