الإمام أحمد الإنسان

2017-12-29 12:15

 

لست بصدد مواجهات -الإمام أحمد حميد الدين- مع الثوار ولا مع الإحرار، وما أنا بصدده هوالإمام - الإنسان- فلم يتربي الإمام احمد في مستنقع الفساد فحاشاه - فهو إبن أسرة تنتمي إلى آل البيت، لكنه بسبب تربيته الدينية خاف على شعبه أن ينجر الى التحولات التي أصابت الغرب، من تهتك وإنحلال. وهنا آثر - الإمام احمد حميد الدين - أن يتوثق من خطاه وأن لا يكون سببا في في تفسخ شعبه، فكان الإنغلاق والخوف من التجديد و له أسبابه في ذلك الزمان .

 

التجديد والإنفتاح خطير ومهيب ومغامرة ولا يستلهمه أو يستسهله أي حاكم محافظ ومتدين، والتحديث كان مهيبا في دول كثيرة ومنها دول الجوار وعلى الاخص سلطنة عمان أثناء فترة حكم السلطان - سعيد بن تيمور- ، بل كان الانفتاح مـُهيبا حتى أن الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان شيخ ابوظبي آثر الإنغلاق على أن ينفتح على الغرب بل والشرق فتتاثر قيم الناس واخلاقهم .

 

أما عن الإمام - احمد حميد الدين- الإنسان- وما أنا بصدده ، فلقد عرف عنه البساطة وتحمل شظف الحياة والدعابة المـُتزنة وحيث عرف عنه في مرضه انه كان يصلي الجمعة في غرفته على صوت المذياع وهو ينقل صلاة الجمعة عبر برنامج- صوت العرب- من القاهرة ، وعــُرف عنه العدل والحرص على أموال الشعب .

ويعلم الكثيرون عنه أنه كان لا يجد غضاضة في الإحتكام في قضاياه التي تخصه مع خصومه، إلى محاكم شرعية ، وكان وفي بعض تلك المحاكمات -الخاسر- ولم يأخذه جبروت الحكم والسلطة لفرض حكما لصالحه.

 

قال لي صديق إن والده كان يعمل في -الخراج- وان - الإمام أحمد- طلب أن يوزع بعض خراج أو زكاة -البيضاء- من حبوب وعسل، وأن يحول بعض العسل ويخصصه لبيت الإمام أحمد - فما كان من - العامل- إلا أن ذكّر- الإمام أحمد- في أن آل البيت لا تجوز عليهم الزكوات !!. فكان رد الإمام للعامل- بيتي ملاذ الشعب ومطعمه - قلدّكم الله بالإمام- !

 

زرت - تعز- في احد المرات ودخلت بيت -الإمام- في منطقة - صالة - كان بيتا عاديا وبسيطا، وكل الاثاث لا ينم عن ثراء وكان سرير- الإمام- من الخشب الرخيص وعليه الكثير من الترميمات الغير حرفية. كانت النوافذ والأسقف والأبسطة في ذلك البيت لا تختلف عن أي بيت - لعامل- من عماله في صنعاء أو إب .

 

وعن سجايا الإمام أحمد فلقد عرف عنه الكرم مع المحتاجين وعابري السبيل، كما عرف عنه حرصه على تعليم ابناء يافع والعوالق والضالع، فشيد لهم مدرسة واسعة مترامية في مدينة - قعطبة - وامر ان لا يتم تعليم المذهب -الزيدي - في هذه المدرسة، واختار لها اساتذة على جانب كبير من التفقه في الدين واللغة والنحو والتاريخ بل والرياضيات التقليدية .ومنهم من لا زال على قيد الحياة وهو الأستاذ القدير - حسن سريع - .حياه الله.

 

وقعت في يدي قصيدة- لابي فراس الهمداني- وقد عارضها شاعر كبير لا يقل عن الشاعر - ابي فراس الحمداني- في شعره وقوة ورصانة لغته ، وهي قصيدة - ابي فراس- اراك عصي الدمع- وهي شهيرة ، ومن عيون الشعر وغنت بها ام كلثوم . قرات تلك المعارضة الشعرية ووجدت ان من عارضها هو الشاعر المبدع - الإمام احمد حميد الدين - طيب الله ثراه .

 

هناك من يختار من سيرة الامام احمد - وتاريخه ما يلاقي هواه ، فيكتب تحت تاثير الهوى او الغل ، فيطمس كل جميل في تاريخ شخصيات فذة ونادرة وعظيمة، وقيل ان عين السُخط بطبعها الاّ تبدي إلاّ المساوىء .

 

فاروق المفلحي