ما من شك إذ نقول بأن شعبنا في الجنوب قد حقق جملة من الانتصارات العظيمة العسكرية منها والسياسية أثناء مسيرته النضالية التحررية، وهو ما أغضب نظام الاحتلال اليمني وأعوانه كثيراً، ولكن بالرغم من تلكم الانتصارات إلا أن شعبنا مازال يمر في مرحلة معقدة تحتاج إلى الكثير من العمل الجاد والواعي والصبر والصمود ووحدة الصف الجنوبي أكثر من أي وقت مضى، للحفاظ على انتصارات شعبنا المحققة ومواصلة السير قدماً حتى تحقيق الهدف المنشود الآن.
ما يؤسفنا اليوم هو أن نرى من أبناء جلدتنا وهم يغردون خارج السرب بمخالفتهم للإجماع الجنوبي أولئك ممن يسمون أنفسهم بمجلس الحراك الجنوبي، وهو الفصيل الذي يقوده حسن أحمد باعوم، وللأمانة والإنصاف أقولها بأن حسن أحمد باعوم قد كان واحداً من مؤسسي الحراك الجنوبي ضد الاحتلال اليمني، وقد تعرض إلى الاعتقال من قبل قوات الاحتلال اليمني كغيره من الحراكيين الذين تعرضوا إلى مثل ذلك، ولكن هذا لا يشفع لصاحبه إذا غير موقفه باعتبار الأعمال في خواتمها، لكون ما يقوم به اليوم حسن أحمد باعوم وأتباعه، وتحديداً من مؤتمره الثاني كما أسماه لا يخدم شعب الجنوب وقضيته العادلة لا من قريب ولا من بعيد، وإنما يصب في خدمة أعداء الجنوب أكان بوعي أو بدون وعي، ومن العجائب أن يسمّوا تواجد التحالف العربي في الجنوب بالاحتلال، وهو كلام بعيد كل البعد عن الحكمة والمنطق والموضوعية، فما لكم كيف تحكمون يا هؤلاء ؟
وبناء على ما يقوله أولئك المتساقطون أقول لهم وبكل موضوعيه الآتي:
إن التحالف العربي لم يأتِ إلى الجنوب غازياً بل جاء بناءً على طلب من الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي هذا أولاً،
وثانياً: نحن في الجنوب كشعب يعيش تحت الاحتلال اليمني منذ عام 1994م بحاجة إلى دعم ومساندة الأشقاء في التحالف العربي للتخلص من الاحتلال اليمني نهائياً في استعادة دولة الجنوب،
ثالثاً: يعتبر شعب الجنوب واحدا من دول التحالف العربي لمواجهة التمدد الإيراني في المنطقة العربية عموماً،
رابعاً: لقد استطاعت المقاومة الجنوبية من تحرير عدن وبقية المحافظات الجنوبية إلا القليل منها من الغزو الثاني (الحوث عفاشي) في العام 2015م بفضل الله تعالى ثم بفضل دعم قيادة التحالف العربي واستبسال وتضحيات المقاومة الجنوبية،
خامساً: لقد امتزج الدم الجنوبي بالدم الإماراتي في جبهات المقاومة الجنوبية ضد قوات الغزو (الحوث عفاشي)، وهذا ما يجسد روابط وعلاقات الإخاء بين شعب الجنوب وشعب الإمارات العربية المتحدة، والذي سيسجله التاريخ بأحرف من نور للأجيال القادمة هنا وهناك، بالإضافة إلى ما قدمته وتقدمه دولة الإمارات العربية المتحدة في مجالات أخرى لعدن وبقية محافظات الجنوب الحبيب، ولذلك فما جزاء الإحسان إلا الإحسان، فهل هذا هو الاحتلال في نظركم؟
إن كل ما تقولونه اليوم في خطاباتكم وتصريحاتكم الجوفاء هو نفس ما يقوله نظام الاحتلال اليمني بشقيه القديم والجديد في وسائل إعلامهم المختلفة، ونفس ما تتناوله قناة العالم الإيرانية أيضاً، ولذلك بات بينكم تطابق في هذا المجال، فهل هي مجرد صدفة؟ أم إن هناك تنسيقا وتكاملا في الطرح والتناول والتوجه، وإن اختلفت الشعارات؟
لا أدري بالضبط، ولذلك أقول لإخواننا من فصيل باعوم إن كنتم تحبون شعب الجنوب حقاً كما ترفعون علمه وتحترمون خياراته وتعتزون بتضحياته فإن شعب الجنوب اليوم لا يحتمل أكثر مما هو فيه، فكونوا مع شعبكم والتفوا حول قياداته السياسية المجلس الانتقالي الذي أجمع عليه شعب الجنوب بأغلبيته الساحقة، فعودوا إلى الصواب واختموا مشواركم كما بدأتموه بالأمس، فإنه لا يرضينا سقوطكم إلى هذا المستوى الذي لا يليق بكم، واعلموا بأن التاريخ لا يرحم، وكل نفسٍ بما كسبت رهينة، ومن أجل الجنوب فإن الحوار هو السبيل الأمثل لكل الجنوبيين، وفي إطار المشروع الجنوبي الكبير بدلا من ارتمائكم في أحضان أعداء شعبنا الجنوبي العظيم إن كنتم صادقين.
وعلى الأخ فادي حسن أحمد باعوم، القابع في لبنان، أن يبر بوالده حسن أحمد باعوم بالحفاظ على تاريخه النضالي ولا يلطخه بالسواد مقابل ثمن بخس دراهم معدودة، فالمناضل حسن باعوم نتيجة سوء وضعه الصحي فهو لا يعقل ما يقول، ولذلك فالمسؤولية تقع على ابنه فادي، وإذا لم يحافظ على تاريخ والده فكيف يحافظ على تاريخ شعب الجنوب أرضاً وإنساناً كما يزعم؟ هذه نصيحة مني لوجه الله الكريم أقولها في سياق هذا المقال، فهل من آذان صاغية لذلك قبل فوات الأوان ويوم لا ينفع الندم؟ نأمل ذلك والله على ما نقول شهيد.
محمد سعيد الزعبلي